“كان” 2023..مشاهد من التحكيم

أنس الحسيسن

من تابع نهائيات “الكان” في نسختها 34 بكوت ديفوار ، وبعيدا عن المستوى التقني، الذي شهدته هذه الدورة من خلال تحسن وتطور عدد من المنتخبات كانت بالأمس القريب تصنف بالمنتخبات العادية، و التي كانت تحضر النهائيات من أجل اكتساب التجربة والخبرة الدولية، لكن الأمور تغيرت، وظهر أن “المونديال الإفريقي” ، الذي فاز به الفريق المنظم بعد أن منحه المنتخب المغربي ورقة تخطي دور المجموعات، فكانت الراية المغربية حاضرة في منصة التتويج. وعلى غرار هذا المستوى التقني الرفيع، فإن ما أثار انتباه متتبعي هذه الدورة، هو المستوى المتألق للحكام الأفارقة، فهامش الخطأ في المباريات كان ضعيفا، خاصة وأن التحكيم كان معززا بتقنية “الفار”.
والحديث عن التحكيم في هذا “الكان”، يجرنا إلى المشاركة المغربية في هذا المجال، حيث كان التحكيم المغربي ممثلا بعدد مهم من الحكام الدوليين، الذي توقفت فيه مسيرة الحكم سمير الكزاز بعد مباراة كوت ديفوار والسينغال بعد أن شغل سمير الكزاز حكما في “الفار”، وبطبيعة الحال، مسيرة سمير الكزاز ستتواصل في مباريات البطولة الوطنية.
وعلى ذكر حضور التحكيم المغربي، فقد تدوول اسم الحكم الدولي رضوان جيد لإدارة مباراة الترتيب، التي كانت ستجمع منتخبي جنوب إفريقيا والكونغو الديمقراطية، لكن يبدو أن رضوان جيد كان له رأي آخر في هذا التعيين، وفضل الاعتذار، لا سيما وأن دورة “كوت ديفوار” قد تكون آخر نسخة له يشارك فيها رضوان جيد ينال فيها شرف قيادته للنهائي بالنظر إلى اقترابه من سن التقاعد وإلى ما راكمه من تجربة طويلة على الصعيد الإفريقي.
رضوان جيد قاد مباريات عديدة للمغرب التطواني، ولعل الجمهور التطواني يتذكر المباراة، التي كان فيها رضوان جيد في غرفة “الفار” في مباراة نهاية كأس العرش، التي كانت قد جمعت بين المغرب التطواني والجيش الملكي بملعب أدرار بأكادير، وهي المباراة، التي أدارتها الحكمة الدولية بشرى الكربوي، التي اشتغلت مهمة الحكم الرابع في نهائيات كوت ديفوار. المغرب التطواني في نهاية كأس العرش لعب لأكثر من ثمانين دقيقة غير مكتمل الصفوف بعد تدخل غرفة “الفار” التي أشارت للحكمة بشرى الكربوي بوجود حالة تتطلب طرد لاعب من المغرب التطواني.
قضاة كرة القدم، كباقي المتداخلين في في اللعبة، يخطئون ويصيبون في تقديراتهم كباقي اللاعبين والمدربين والمسيرين، لذا عملت “الفيفا” على تعزيز الملاعب الكروية بتقنية “الفار” للتقليل من الأخطاء، التي قد تتضرر منها الفرق. وقبل أيام في مباراة المغرب التطواني والمغرب الفاسي، التي أدارها الحكم عبد الرحيم الرخيز، الذي أثارت قراراته استغراب الجمهور، ليس بسبب عدد المرات، التي توجه فيها الحكم لتقنية الفار للتأكد من مشروعية ضربات الجزاء، ولكن من خلال قرار، قد لا يكون مر مرور الكرام بالنسبة للمراقبين هو إعلانه لضربة جزاء، وفي وقت كان على وشك إعطاء إشارة تنفيذ ضربة الجزاء لصالح المغرب التطواني، ينادى عليه من غرفة “الفار” ليلغي قرارا كان عليه التأكد منه قبل أن يتهيأ لإعطاء إشارة التنفيذ.
وإذا كان الأساس من هذا الكلام هو التحكيم في “الكان”، فإنه يبقى مناسبة أيضا للوقوف عن التحكيم المغربي، الذي تكبر مسؤوليته في نجاح البطولة الوطنية حين تدخل مراحلها الأخيرة، حيث الخطأ قد يمنح لقبا غير مستحق، أو نزولا لفريق ما للقسم الأسفل، أو صعودا للقسم الموالي غير مستحق، وخصوصا في ظل برمجة أصبحت تنهك الفرق.
نختم هذه الوقفة مع التحكيم، و المناسبة تتطلب منا استحضار اسم الحكم المرحوم سعيد بلقولة، الذي قاد نهاية كأس العالم بفرنسا سنة 1998، فليس من الهين أن يقود وقتئذ حكم من إفريقيا نهاية المونديال لولا أن الجهات الموكول لها اختيار حكم النهاية، رأت في سعيد بلقولة توفره على شروط حكم يستحق أن يقود مباراة نهائية، وهذا المشهد نتطلع في أن نراه في المونديال الإفريقي ،وأن يتكرر عالميا.

Loading...