ما يهدد الكرة الوطنية
أنس الحسيسن.
خرج عبد السلام بلقشور رئيس العصبة الاحترافية قبل أيام بتصريح، أن كرة القدم الوطنية كانت مهددة بالإفلاس، ورد إطلاقه لهذا التوصيف الخطير لوضعية الكرة إلى تراكم ديون المنازعات المسجلة في حق مجموعة من الفرق وصلت إلى أربعين مليار سنتم. هذا الرقم الكبير دفع العصبة الاحترافية إلى منع مجموعة من الفرق الوطنية بالقيام بالانتدابات، خاصة في مرحلة الميركاتو الشتوي، بل إن بعض الفرق وجدت نفسها هذا الموسم في وضعية صعبة في بدابة موسمها الرياضي بعدم السماح لها بتعزيز صفوفها بتعاقدات جديدة، من دون الحديث عن البطلان القانوني لبعض الجموع العامة، ودخول الآخرين في لجن تصريف الأعمال.
الرقم الذي كشفه عنه رئيس العصبة الاحترافية سيكون محل تساؤلات من متتبعي الشأن الكروي الوطني، كيف وصل حجم الديون المتراكمة على الفرق إلى هذا الحجم؟ الجواب بسيط، هو أن كثيرا من مسيري الفرق مع بداية كل موسم يتهافتون على جلب عدد كبير من اللاعبين إرضاء لرغبات المدربين، حيث ما أن تمر دورات عن انطلاق الموسم الكروي حتى يتم الاستغناء عن المدرب بسبب ما يطلق عليه “سوء النتائج”، والذي يكون وراء جلب كم كبير من اللاعبين ( هناك من اللاعبين لم تطأ قدماه أرضية الملعب)، وبطبيعة الحال هناك (عقد شريطة المتعاقدين) يربط المدرب أو اللاعب بالمكتب المسير . ولأجل الحصول على ما يتضمنه العقد من بنود، تتوجه الأطراف المتضررة إلى غرفة المنازعات بالجامعة، وقد يصل الأمر حد الوصول إلى المحكمة الدولية “الطاس”. المغرب التطواني هو من الفرق، التي اكتويت بثقل هذه المنازعات، وأثرت على تدبيرها المالي لعدة مواسم ، حيث كانت تحرم من منحة الجامعة حتى تسدد ما بذمتها من ديون، وقليلا هم اللاعبون، أو المدربون، الذين يقبلون بالصلح.
إن ما وقع لجل الفرق أنها وجدت نفسها في وضعية مالية مقلقة، أمر ما كان ليحدث لو كانت هناك حكامة في التسيير بأن لا تتم التعاقدات إلا بعد دراسة تقنية ومالية عميقتين حتى تتجنب هذه الفرق التخبط في مشاكل مالية لا قبل لها بها، و في آخر المطاف تبقى المكاتب مرهونة، وهو ما ينعكس على مردودية البطولة الوطنية، وإن كان من حسنات حرمان بعض الفرق من التعاقدات، أنها اتجهت إلى الاستفادة من خدمات لاعبيها الشباب، وهذا ما أقدم عليه فريق مولودية وجدة وشباب المحمدية، وقد يكون لهؤلاء اللاعبون شأن مهم مع اكتساب تجربة الملاعب في وقت يبحث جل المدربين عن اللاعب الجاهز رغم أن كثيرا من الفرق تتوفر على مراكز التكوين…
أعود إلى دور الحكامة الرياضية من أنها تبقى آلية مهمة في تدبير شؤون الفرق من مسيرين يتقلدون دواليب التسيير، يغيب عن جلهم تقديم مشاريع لتحسين وتجويد التدبير الرياضي وفق منظور زمني محدد، فغالبا ما ترث المكاتب المسيرة إرثا ثقيلا من الديون المتراكمة، مما يجعل هم المسؤولين هو الخروج من الأزمة المالية، وتجنب الدخول في المنازعات حتى أن البعض يصنف ذلك بالإنجاز.
ومن عيوب ما نراه في التدبير الكروي، هو تباين في المصاريف بين فرق تحقق نفس النتائج، فقد تجد فريقا ينهي موسمه متقدما على الآخر وبغلاف مالي أقل بكثير، والجواب هنا لن يتأخر، إنه درس من الحكامة الجيدة.
عبد السلام بلقشور في معرض كلامه عما يهدد الكرة الوطنية بالإفلاس، قال من أن هناك إجراءات ستكون صارمة للحد من هذه الآفة، التي قد تعرقل تطور كرة القدم الوطنية والمرتبطة بالتدبير المالي، وهو الأبرز في التدبير الرياضي، ومما أشار إليه المسؤول الأول عن العصبة أن بعض الفرق قد تحرم حتى مع بداية الموسم الجديد من التعاقدات في ظل عدم أدائها للديون المستحقة عليها.
كرة القدم الوطنية المقبلة على تظاهرتين كبيرتين، الأولى قارية من خلال تنظيم نهائيات كأس الأمم الإفريقية لسنة 2025، والثانية عالمية المتمثلة في احتضان المغرب لكأس العالم لنسخة 2030 هي في حاجة إلى إعادة النظر في التسيير الرياضي حتى نحميها ممن يهددها، والأخطر هو الإفلاس.