عادات أهل تطوان في الإحتفال بالمولد النبوي الشريف

د.عادل الدكداكي

العادة ، هي كل ما يعتاده الإنسان، و لكل قوم سواء كانوا حضريين أم بدويين عادات اكتسبها خلفهم عن سلفهم في أفراحهم و أتراحهم ، و أهل بلدة تطوان كغيرهم لهم عادات و تقاليد عريقة وعديدة ، سنقتصر هنا على ذكر بعض هذه العادات و التقاليد في إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف كما جاءت على لسان المؤرخ أحمد الرهوني في كتابه عمدة الراوين في تاريخ تطاوين ، حيث كان أهل تطوان إذا استهل شهر المولد النبوي – على المولود فيه أفضل الصلاة و السلام – صرخ النساء كلهن بالولاول في الدور والسطوح وغيرها . ثم صاحت البلد بالنقر على الدفوف و الغناء بالترحيب بشهر الحبيب ، و ضربت المدافع إيذانا بإعلامه ، و تدوى المدينة دويا عظيما من البارود ثم تصير تتلى الأمداح النبوية في كل ضريح و زاوية بين العشاءين و يشتغل العلماء بتدريس “الهمزية” و ” البردة ” و غيرها من كتب السيرة حتى إذا كانت ليلة اليوم الثاني عشر أنيرت المساجد و الزوايا والضرائح وخصوصا زاوية سيدي علي ابن ريسون و سيدي عبد الله الحاج و سيدي السعيدي وسيدي علي بركة و غيرهم ، و اشتغل المنشدون بقراءة الهمزية و البردة وقصائد المولد و الحضرات على أنوار الشموع و الكهرباء، و دخان الطيب ، بأصوات تثير الخشوع في “الزاوية التيجانية” و “الزاوية الريسونية” و “الزاوية الدرقاوية”، ثم في “دار المخزن” ، وهكذا تحيى تلك الليلة على طلوع فجرها الذي تضرب فيه المدافع المبشرة بساعة ولادته ، كما تقدم الأطعمة للفقراء و المريدين على شكل صدقات يتم إعدادها إما داخل تلك الزوايا ، أو يتم طهيها بالمنازل المجاورة و إحضارها للزاوية .

فإذا صلي الصبح أفطر الناس على العصيدة ثم أصبحوا في عيدهم يتزاورون ويهنئ بعضهم بعضا و تعطل جميع الحرف و الصناعات و التجارات و يستمر الحال على ذلك ثمانية أيام و في اليوم السابع و الثامن يحتفل في عدة زوايا بسابع المولد فيجتمعون و يمدحون النبي صلى الله عليه و سلم ، و يذكرون الله و يفرحون ويمرحون ، ثم يأكلون و يشربون إلى أن يصبحوا ثم يذهب كل لحرفته و إلى حال سبيله .

 

 

 

Loading...