فجوة الوعي والممارسة: بين ورشة التغيرات المناخية وتشويه أشجار تطوان

ربيع الرايس

​شهدت جماعة تطوان يوم الخميس الماضي خطوة إيجابية بتنظيم ورشة تكوينية لموظفيها حول “تأثير التغيرات المناخية” بالشراكة مع منظمة “أزيميط360”. تناولت الورشة، كما ورد، التأثير السلبي لـالأنشطة البشرية، مثل الصناعة واستخدام الطاقة الأحفورية، على المناخ، مؤكدة على دورها في انبعاث الغازات الدفيئة وتأثير ذلك على التنوع البيولوجي، الموارد المائية، وارتفاع درجة حرارة الأرض.

​لقد سلطت هذه الورشة الضوء على أهمية الموارد الطبيعية والتحذير من الاستعمال غير المعقلن لها، خاصة فيما يتعلق بالبيئة وصحة الإنسان.

​ومع ذلك، يبرز تناقض صارخ يمثل فجوة معرفية وسلوكية بين ما نوقش في قاعة “فضاء المواطنة” وبين السلوك الفعلي للجماعة في الميدان. ففي الوقت الذي يتم فيه التأكيد على دور الغطاء النباتي في امتصاص ثاني أوكسيد الكربون وتلطيف الأجواء، تشهد المدينة عمليات تشذيب للأشجار تُوصف بـالعشوائية والمبالغ فيها.

​التعامل غير المسؤول مع الأشجار الحضرية، عبر بتر فروعها بشكل جائر أو غير مدروس فنيا، يُعد شكلاً من أشكال الاستعمال غير المعقلن للموارد الطبيعية الذي حذرت منه الورشة تحديداً. هذه الممارسات لا تضر بجمالية المدينة فحسب، بل تضعف صحة الشجرة، وتُقلل من قدرتها على القيام بدورها الحيوي كـرئة للمدينة ومكافح طبيعي لآثار التغيرات المناخية. فالأشجار هي خط الدفاع الأول ضد ارتفاع درجات الحرارة والفيضانات وتلوث الهواء.

​الرسالة الواضحة التي يجب أن تستوعبها الجماعة هي أن التكوين النظري يجب أن يُترجم فوراً إلى ممارسات بيئية مسؤولة على الأرض. لا يمكن لجماعة أن تدعو إلى مكافحة التغيرات المناخية والحد من الغازات الدفيئة بينما هي تتسبب في إضعاف المخزون الأخضر الحيوي للمدينة. التشذيب الفني المدروس ضروري، أما التشويه العشوائي فهو يتعارض بشكل مباشر مع أهداف الورشة، ويقلل من مصداقية التزام الجماعة تجاه القضايا البيئية الملحة.

​سلوك الجماعة في تشذيب الأشجار هو مؤشر على أن الوعي المستخلص من الورشة لم يخترق بعد صميم القرار والتنفيذ الميداني. يجب ردم هذه الفجوة على وجه السرعة عبر تبني ميثاق أخلاقي وفني صارم للتعامل مع الفضاءات الخضراء، يراعي العلم الذي تم التلقين به.

Loading...