بقلم : محسن الشركي.
سجل الجمع العام لنادي المغرب التطواني، المنعقد أمس يوم 13 يوليوز 2018، انتقالا سلسا لرئاسته من عبد المالك أبرون الرئيس إلى رضوان الغازي نائب الرئيس. وهو ما يعني أن هناك اتفاقا مسبقا بين الطرفين، وتوافقا هادئا بين منخرطي النادي حول مستقبل الفريق، وعلى دعم الرئيس الجديد، الذي سيشكل واجهة النادي الرسمية في المرحلة القادمة، والتي ستأسس – في نظرنا- على عنوانين بارزين واضحين، عكسهما الجمع العام نفسه دون إعلان صريح ومباشر، ويمثّلان مبدأين أساسيين : ” التراكم” و” الاستمرارية”.
فعندما نتحدث عن “التراكم”، بديهيا، تستحضر كل مكونات النادي 13 سنة من التسيير على زمن “ظاهرة أبرون”، تحقق خلال 10 السنوات الأولى منها، سقف عال من الإنجازات والألقاب، وتحوّلت المدينة إلى صانعة للحدث الرياضي، وارتفعت تطلعات الجماهير، وتموقع المغرب التطواني ضمن كبار الأندية التقليدية، في الدوري الاحترافي المغربي، وإن كانت السنوات الثلاث الأخيرة، قد عرفت نكوصا ، “تراجعا”، تجلّى واضحا في سوء النتائج، وفي الاختيارات التقنية، من خلال تسريح لاعبين شكلوا النواة الصلبة للفريق، والتخلي عن مجموعة من اللاعبين تدرجوا في الفئات الصغرى، والتعاقد مع خردة لاعبين من درجة لا تناسب تطلعات النادي، مما أدى إلى استياء الجماهير، وأدخل النادي في سديم أزمة هيكلية، ذات أبعاد تدبيرية ومالية وتقنية، وأصبح الفريق يصارع من أجل حل نزاعات قانونية مع لاعبين ومدربين وسماسرة، انتقلت إلى ردهات الفيفا والجامعة والمحاكم، أرهقت ميزانية الفريق، وأدخلته متاهات لا زالت انعكاساتها تؤثر على مالية الفريق.
فالتجربة الحالية على عهد الرئيس الجديد رضوان الغازي، ينبغي أن تستفيد من درجة “التراكم” الذي حققته سابقتها، بدءا من ترسيخها سمعة النادي وصورته وقيمته على المستوى الوطني والقاري، مرورا بإرسائها بنيات تحتية ومرافق ذات جودة، أصبحت في ملكية النادي، وصولا إلى الهياكل الإدارية وتجربتها، وإن كانت تحتاج إلى تطوير وتصورات وطاقات تستلهم ما هو إيجابي في التجربة السابقة وتطرح آفاقا جديدة للنادي.
وتأسيسا على ما سبق، فإن مبدأ “الاستمرارية” هو الآخر، ينبني على تكريس ما هو جيد ومشرق في التجربة السابقة، مع القطع أيضا وحتما، مع وضعية الارتجال والعشوائية التي شابت بعضا من الاختيارات السابقة سواء منها الإدارية أوالتقنية أو المالية، و العمل على إعادة صياغة استراتيجيات النادي وأهدافه، بناء على قدراته وإمكاناته المالية الحقيقية، بالإضافة إلى ترشيد نفقاته، والتحكم في حجم الإنفاق، ومراجعة كل الأجور الخيالية، التي تستنزف إمكانات الفريق، من خلال سن سياسة تأجيرية عقلانية، تربط الأجر بالاستحقاق بما في ذلك أجور اللاعبين. وكذا التخلص من زمن سيبة “السماسرة ” الذين يغرقون الفريق بخردة اللاعبين، ويستنزفون ميزانية تسييره، ويجهضون مستقبل وأحلام لاعبين شباب تتفوق مؤهلاتهم التقنية، على الوافدين في صفقات غير مقبولة بالمرة.
إن تدبيرا عقلانيا، يؤمن بالكفاءة والقدرة على الإنتاج، ويربط قيمة العمل بالمردودية، ويفصل التقني الذي هو من اختصاص أهله، عن جشع السماسرة وإرضاء الخواطر، ويجعل الاختيارات التقنية موارد مالية إضافية للنادي عوض استنزافه ميزانيته، ويفتح النادي على ثقة المستشهرين، ويوسع دائرة منخرطيه، ويتواصل مع الجماهير بشكل يومي عبر وسائله الإعلامية، ليجعلها شريكة في تحقيق الأهداف الممكنة وفي بناء صورة الفريق على أساس واقعه وإمكاناته، لا على أساس التعصب، ووهم الفريق البطل الخرافي الذي لا ينهزم أبدا.
كل هذه المداخل وغيرها، بالإضافة إلى ثقافة الاستماع، والاستشارة والتفاعل مع نبض الأوساط الرياضية قد تفيد في إنجاح تجربة التسيير الحالي للرئيس رضوان الغازي المنبثقة من رحم التجربة السابقة الممتدة على مدى 13 سنة.