في سنة 2014، اندلعت أزمة بين الحكومة وبين أرباب المخابز، بعد تهديد هؤلاء المهنيين بالزيادة في أسعار الخبز، نتيجة ارتفاع أسعار بعض المواد المكونة لهذه المادة “الحيوية” بالنسبة إلى المغاربة. وبعد أخذ وردّ بين الطرفين، انتهت الأزمة دون أي زيادة؛ لكن تم اقتطاع الزيادة من وزن الخبز.
يلاحظ المستهلك المغربي أن وزن وحدة الرغيف أصبح خفيفا جدا، بعد إقدام أرباب المخابز على خفض وزنه، من أجل تقليص كُلفة الإنتاج، وكسْب الربح الذي كانوا يطمحون إلى تحقيقه بالزيادة في أسعار الخبز عن طريق وزنه، في اتفاق “خفيّ” بينهم وبين الحكومة؛ ذلك أن هذه الأخيرة لم تتدخّل، لمراقبة مدى التزام أرباب المخابز باحترام وزن الخبز القانوني.
يحدد القانون المؤطر للمخابز والصادر سنة 1969 وزن وحَدة الرغيف الذي يباع حاليا بدرهم وعشرين سنتيما في 200 غرام، مع ترْك هامش 10 غرامات نقصانا أو زيادة؛ لكنّ وحدات الخبز التي تباع اليوم في السوق يقلّ وزنها بكثير عن الوزن المحدد في القانون.
“خفْض وزن الخبز تمّ بمباركة من الوزير محمد الوفا (وزير الشؤون العامة والحكامة الأسبق)؛ لأن الحكومة رفضت زيادة أسعار الخبز، تفاديا لاحتجاج المواطنين، كما جرى في انتفاضة الخبز عام 1981، لذلك غضّت الطرف عن وزن الخبز”، يقول بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك.
تتعاطى الحكومة بحذر شديد مع أي دعوة إلى الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، إذ بمجرد تلويح أي قطاع مهني بها تتبادر إلى الذهن “انتفاضة كوميرا”، كما سمّاها وزير الداخلية الراحل إدريس البصري، لذلك لا تمانع الحكومة في التوصل إلى تسويات بأي طريقة كانت، ولو على حساب المستهلكين.
وإذا كان وزن الخبز “مغشوشا”، فثمّة ما هو أخطر من ذلك، وهو المكوّنات التي يُصنع منها الخبز الذي لا تخلو منه أي مائدة مغربية، وخاصة الخبز الذي يُصنع في الأفران المشتغلة في القطاع غير المهيكل، والخبز الذي يصنع في البيوت، أو ما يسمى بـ”الخبز البلدي”.
يتكوّن الخبز من 17 مادة، عدد منها يكتسي خطورة على صحة المستهلك، في ظل غياب احترام المعايير الصحية؛ كمادة السكر، التي قال بوعزة الخراطي إنها تزيد بثلاثة غرامات عن النسبة القانونية، بهدف جعل الخبز “منفوخا”، وهو ما يعني، يردف المتحدث في تصريح لهسبريس، أن المريض بداء السكري إذا كان يخضع لحمية، فهو يتناول مادة السكر عن طريق الخبز.
“حيَل” بعض أرباب المخابز لا تتوقف عند هذا الحد، فجميع السبل لخفض تكلفة إنتاج الخبز مقبولة؛ ومنها استعمال مادة “السِّيرو” التي يُدهن بها الخبز قبل إدخاله إلى الفرن، والذي يعطي لونا يميل إلى الاحمرار للخبز، ما يوحي بأنه ناضج، على الرغم من أنه لم ينضج بما فيه الكفاية في الداخل، ويتم اللجوء إلى هذه الطريقة، بحسب الخراطي، من أجل ربح الطاقة المستعملة في إيقاد الأفران.
ويؤكد رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك أن عدم مراقبة السلطات المعنية للأفران التي يصنع فيها الخبز وكذلك ظروف صناعة الخبز الذي يتم تحضيره في البيوت يشكّل خطرا كبيرا على صحة المستهلك المغربي، مشددا على أن “أي مخبزة ينبغي أن تتوفر على اعتماد مسلم من السلطات المختصة، مع ضرورة إخضاع ظروف إنتاج الخبز داخلها للمراقبة”.
المصدر:هسبريس