طنجة: انطلاق المناظرة الجهوية للمجتمع المدني بحضور ثلة من الخبراء والأكاديميين وممثل عن اللجنة الخاصة بإعداد النموذج التنموي الجديد

في سياق ما تشهده الساحة الوطنية من نقاش واسع حول النموذج التنموي لبلادنا، احتضنت قاعة المركز الثقافي أحمد بوكماخ بطنجة، مساء يومه السبت 07 مارس 2020، مناظرة جهوية للمجتمع المدني حول “الشباب والنموذج الجديد للتنمية”، والتي نظمتها مؤسسة طنجة الكبرى للشباب والديمقراطية، في إطار إطلاق مشروع منتدى طنجة التشاركي _ النسخة الخامسة، بشراكة مع كل من وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقة مع البرلمان، المجلس الثقافي البريطاني، وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية تطوان التابعة لجامعة عبد المالك السعدي، بحضور ثلة من الخبراء والأكاديميين  وممثل عن اللجنة الخاصة بإعداد النموذج التنموي الجديد، بتقديم وتيسير مهني متميز من الإعلامي المقتدر الأستاذ محمد بورويص، بهدف  خلق نقاش عمومي جاد ومسؤول، وعيا بمشاركة الشباب كدعامة أساسية من دعائم المواطنة والديمقراطية للمساهمة في بلورة تصور لنموذج التنمية المنشود.

استهلت أشغال المناظرة بكلمة ترحيبية لرئيس المؤسسة الأستاذ عادل الحداد، الذي أبرز من خلالها سياق تنظيم منتدى طنجة  التشاركي في نسخته الخامسة، وذلك خلال الفترة ما بين 7 مارس 2020 و 19يونيو 2020، كما أشار كذلك إلى الأهداف المتوخاة من المناظرة الجهوية الافتتاحية، وكذا النتائج المنتظرة قصد الإسهام في بلورة تصور واضح لمداخل ممكنة لإرساء نموذج تنموي جديد.

تلتها كلمة لعمدة مدينة طنجة محمد البشير العبدلاوي، الذي أثنى على المجهود الشبابي الاستثنائي الذي تحظى به مدينة طنجة، وعلى التظاهرات الثقافية القيمة التي تنظمها المؤسسة، كما دعى بدوره مختلف المكونات الحية في المجتمع، إلى الانخراط في بلورة نموذج تنموي بديل يمكن المغرب من تحقيق إنجازات حقيقية.

وفي مداخلة  للدكتور محمد العمراني بوخبزة ممثل اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد، أشار إلى أول شراكة للجنة النموذج التنموي مع هيئة مدنية والتي هي مؤسسة طبنجة الكبرى، مؤكدا على الانتظارات والمقترحات وكذلك جميع التوصيات التي سترفع الى اللجنة، محددا بعد ذلك إطار اشتغال اللجنة وطريقة اشتغالها، انطلاقا من مقتضيات دستور 2011، كما أشار الى أنه هناك تراكمات تشتغل على أساسها هاته اللجنة بحيث أنها ليست أول لجنة تعين من طرف صاحب الجلالة، بل سبق تعيين لجان أخرى في مجال الأسرة التنمية …

كما أنها منفتحة على جميع القوى الحية من هيئات سياسية مدنية… نقابات  وأن أول ما قامت به بعد تعيينها هو توجيه دعوة للأحزاب السياسية واستقبالها بمذكراتها والتي يمكن للجميع الاطلاع عليها بموقع اللجنة الالكتروني، كذلك الانفتاح على المؤسسات الدستورية سواء مؤسسات الحكامة، أو مؤسسات أخرى  مثل بنك المغرب، المندوبية السامية للتخطيط…

معرجا في مداخلته عن أبرز الأنشطة التي قامت بها اللجنة، والتي تكمن في التنقل إلى العديد من جهات المغرب العميق، باعتبار المواطنين والمواطنات بهذه المناطق هم الأقدر على التشخيص أكثر.

الإنصات إلى المواطنين العاديين عبر موقع اللجنة عبر عملية الانتقاء لتشمل جميع الفئات، كذلك الانفتاح على الخبراء في عدة مجالات منها: المناخ التدبير المجالي ..، كما دعا الجميع من لديه اقتراحات بتنزيلها على الموقع الالكتروني للجنة فجميعها يتم أخذها بعين الاعتبار وهي فرصة وجب اغتنامها اليوم خصوصا في ظل لحظة النمو الديمغرافي بالمغرب حيث يشهد هرم النمو الديمغرافي 65 في المائة من الفئة النشيطة وهي أعلى نسبة.

المداخلة الثانية لشرفات أفيلال، أشادت خلالها بالمنهجية الانفتاحية والتشاركية المعتمدة من طرف لجنة النموذج التنموي، كما أن عمل هذه اللجنة يمكن أن يشكل مرجعا استشرافيا يمكن العودة إليه من طرف الأحزاب السياسية، كما أنه يحمل انتظارات جميع المواطنين لكن عمل اللجنة  لن يشكل بديلا عن عمل الأحزاب السياسية بمختلف أطيافها وتلاوينها من اليمين إلى اليسار…

أما بخصوص مكانة الشباب في النموذج التنموي الجديد، فعبرت الوزيرة السابقة أن هناك عوامل كثيرة كانت سببا في نفور الشباب من العمل السياسي مما أدى إلى أزمة ثقة بين الشباب والأحزاب السياسية وهو ما يشكل خطرا على استقرار البلاد، ومن أبرز أسباب ذلك، أرجعته المتدخلة إلى رداءة الخطابات الموجهة ضد الأحزاب وتبخيس أدوارها السياسية، بالرغم أننا نجد في المقابل دستور متقدم بوأها مكانة متميزة وممارسة منتجة.

المداخلة الثالثة للدكتور عادل بن حمزة والتي استهلها بتناوله لتجربتي البرازيل وتركيا من خلال الأحزاب التقليدية التي عاشت ظاهرة الشيخوخة السياسية لكن الدينامية المتطورة ساهمت في بروز أحزاب جديدة استطاعت في الأخير أن تنقل بلدانها إلى دول رائدة وناشئة حقيقية في التنمية، مؤكدا على أن الأحزاب السياسية يجب أن تمتلك الجرأة والشجاعة الكافية للنقد الذاتي.

مضيفا إلى أنه بالاستناد على مؤشرات الثقة نجد أنه 69 في المائة من المواطنين المغاربة ليست لهم الثقة في الأحزاب السياسية، حيث أنه لا يمكن المضي قدما إلى المستقبل دون إجماع وتوافق وطني فالمشاريع الكبرى للدول تصنع بالمواقف الكبرى، فإفلاس الرأسمال المجتمعي أدى إلى تطور حلول فردية مما كان سببا في الهجرة لللأطر والكفاءات… رغم توفرها على ظروف معيشية جيدة بالمغرب.

في نفس السياق أبرزت الدكتورة سعيدة العثماني وهي المتدخلة الرابعة في المناظرة، مجموعة من الملاحظات وقفت على إشكالية عدم استمرارية المشاريع التنموية السابقة، وهو الأمر الذي اعتبرته سيستدعي في كل مرة إحداث نموذج أخر… جديد مما يعني القطيعة مع ما سبق من المشاريع في حين هناك استمرارية في المشاكل الاختلالات اشكالات …

كما أشارت إلى وجوب الأخذ بعين الاعتبار أننا دولة نامية أو سائرة في طور النمو، بالرغم من برمجة مجموعة من البرامج لم تستهدف الإنسان والفئات الهشة، متسائلة عن  كيف سيتم الوصول إلى هذه الفئات؟ مختتمة مداخلتها بضرورة القطع مع الفساد من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة من أجل كسب ثقة الشباب في التحركات العمومية… داعيتا بضرورة تجديد النخب على مستوى المؤسسات الدستورية…

وخلال فتح باب النقاش كانت هناك مقترحات ومداخلات مختلفة جلها صبت في كيفية تجاوز أعطاب التنمية، والتقليل من الفوارق المجالية وإعادة الثقة لدى المواطنين؟ ومكانة الشباب في هذا النموذج التنموي الجديد؟ كما كانت هناك تساؤلات حول هل الشباب فاعل في هذا النموذج أم مجرد مستقبل؟ وكذا عن دور الأحزاب السياسية في الوضع الحالي الذي وصل إليه المغرب.. الإصلاح الشامل للمنظومة التعليمية  باعتبار المدخل الثقافي القيمي تأمين للمدرسة العمومية، عن طريق تجويد المقررات التعليمية، النهوض بقطاع التشغيل، توفير آليات لتجويد الديمقراطية التمثيلية..

وقبل اختتام اللقاء توجه الدكتور العمراني بوخبزة برسالة الى الشباب والشبات والهيئات المدنية من الحضور، للمساهمة باقتراحات توصيات وتصورات، وإنزالها بموقع اللجنة الرسمي لأن اللجنة في حاجة ماسة لكل تصور مقترح أو فكرة كما جاء على حد قوله “يوجد في النهر ما ليوجد في البحر”.

وفي الختام تم تقديم شواهد تقديرية للمحاضرين والمحاضرات.

Loading...