بقلم : يوسف خليل السباعي.
هذا الوجه المشوه في اللوحة هو تشكيلية تستدعي منا تأملها، وقراءتها حسب هوانا.
في حقيقة الأمر، إن مايستدعي التأمل في هذه اللوحة ليس، فقط، ألوانها الصاخبة الحارة: الأحمر، الأسود، الأبيض، البني… وغيرها، وإنما هي تنوعيتها ضمن الحمولة التشكيلية والفنية والثقافية ليوسف الحداد، الذي تمكن في السنوات الأخير من التركيز في أعماله التشكيلية على الوجوه المشوهة….، أو مايمكن تسميته ب” توجهن”.
بالطبع، فإن الألوان تمنح اللوحة بريقا، لمعانا، وتكاملا تصويريا لجسد الشخص المتشكل في اللوحة، الذي يجلس في مقهى، نعرفها تماما، من خلال دوال: كأس، وكلينكسات معلبة بلون آخر، ومائدة دائرية بلون آخر…، دوال مختلفة عن الدوال الاعتيادية، كما نراها في المقهى، ألوان الفنان الحداد لاتعكس الواقع، ولاتحاكيه، وإنما تحوره، بمعنى أنها تستبدل ماهو مألوف باللامألوف، ومن هنا، إبداعية الحداد وفرادة تقنيته.
إن يوسف الحداد يقول لنا بابتسام: هذا الوجه… جالس في المقهى، لكنكم غير قادرين على الإمساك به. إنه وجه من الوجوه، التي لن تجلس معكم.
لأوضح: إنه وجه كان في الماضي، وهو في الحاضر، وسيكون كذلك في المستقبل.
إنه وجه لانألفه، ولانقبله، لأنه وجه حقيقي. هو مشوه حقا، ومرعب إلى حد الفزع، ولهذا… لاترغبون في أن يكون معكم. ببساطة، لأن هذا الوجه يعري تشوهكم، ويكشف عن ضآلتكم. بل إن هذا الوجه ليس إلا ذلك اللاشعور الذي يخيفكم إظهاره. ذلك الباطن الشرير فيكم.
إنه، بكلمة، واحدة، قبحكم. وهكذا، وحده الفنان التشكيلي يوسف الحداد قادر على جعل هذا الوجه المشوه القبيح، بشكل فني، وتشكيلي، يعبر عن جمال مرعب!