أمل مسعود: رحلة التشافي من فيروس كورونا…(2)

بقلم: أمل مسعود.

من مسئولية الدولة إلى المسئولية الفردية

الملك محمد السادس نصره الله أظهر الكثير من الرحمة والتعاطف والنبل في خطته لمواجهته فيروس كورونا.

إنسانيته تفوقت على أعرق الديموقراطيات العالمية. فما من بلد ضحى باقتصاده بالكامل من أجل شعبه. ولكن ملك المغرب فعلها.

والأفعال التي تنبع من القلب تصل مباشرة إلى القلوب. وهكذا وصلت الرسالة للشعب المغربي و للعالم أجمع بدون إلقاء خطبة واحدة.

هذا الفعل لم يوحد المغاربة مع ملكهم فقط، ولكن قوى روحهم المعنوية. لأول مرة، لا توجد معارضة. و الجميع يثمن بحب ووعي ما تقوم به الدولة لمواجهة كورونا.

ليس هذا فقط، ولكني كمغربية أصبحت مليئة بالحماس والرغبة لننتصر على معركة كورونا، أريد أن يرى العالم أجمع ماذا يعني أن تكون مغربيا. وأعتقد أن هذا شعور الكثير الكثير من المغاربة في مختلف المعمور.

ولهذا، وعدت نفسي بأنه بعد أن قامت الدولة بمسئوليتها، فمن الواجب علي ألا أتملص من مسئوليتي الفردية. فمن الجحود أن يضحي الملك ليحمي أرواحنا ونحن نستهتر بهذه الأرواح و نعرضها للخطر والتلف ونعرض أرواح المحيطين حولنا أيضا.

وهكذا قررت أن أنفض الغبار من داخلي، غبار الخوف والقلق من فيروس كورونا لأستبدلها بطاقة القوة والتحدي والحب. ففيروس كورونا ليس أكثر من تمرين من تمارين الحياة، الذي سينتهي كما بدأ، ولكن علينا أن نستفيد منه لنصبح أكثر قوة ظاهريا وباطنيا.

فانظروا إلى ما فعلت الصين، بعد أن كانت في أكبر ورطة، استطاعت بعد أشهر أن تحولها إلى فرصة ذهبية وهاهي اليوم ترشح نفسها كالمنقذ الوحيد للعالم. لماذا؟ لأنها واجهت بشجاعة امتحان كورونا. لم تخف، لم تستسلم، لم تتراجع، وانضبط الشعب.

قد يدعي البعض بأن الصين دولة متقدمة ولها إمكانيات، ولكن أوروبا و أمريكا أيضا متقدمتين و لهما إمكانيات وها هما يتخبطان مع كورونا. فبعض المعارك لا تحتاج إلى القوة الظاهرة، ولكنها تحتاج إلى القوة الباطنة، إلى قوى الأنفس. تحتاج إلى الالتزام، الانضباط، الإيثار، التضحية، التسامح، الحكمة، الصبر، التعاون، قوة التبشير و زرع الأمل بدل التنفير والسلبية، حب الحياة، العطاء، الإخلاص، الطمأنينة والسكينة، الإيمان والثقة…

وهذه أشياء لن تمنحها ألات طبية ولا أجهزة علمية ولا منتوجات استهلاكية فهي نابعة من الإنسان نفسه و فقط من الإنسان. فهذه الأشياء هي بالضبط ما يميز الإنسان عن باقي الكائنات.

ولهذا معركة كورونا هي معركة من نوع خاص. ففي كل المعارك والأزمات، الإنسان كان يتهرب من نفسه ليلقي اللوم على الآخر: الحكومات، الأنظمة، الأشخاص، الجيران، الطبيعة، الأحداث،…

ولكن في معركة كورونا، لم يعد هناك فرصة للوم الآخر. ففي معركة كورونا عدوك هو نفسك هو أنت، فوصفة النجاة واضحة “اضبط نفسك وابق في دارك تسلم”.

Loading...