مذكرات محجورة الكورونا.. العالم في شرفة

بقلم ؛الزهرة حمودان _برشلونة 24 مارس 2020

تتعدد الفضاءات .. تتراكم فوق ذهني المنهوك. أحسها تتغشاني في أكثر من موقف. تجتاحني الغربة الجغرافية كلما نزعني من لحظة فرحي ، صوت المذيع الآتي من التلفاز، بلغة تغير خريطة وجودي الأصلي؛ لغة تدعوني للتخلص من حقيبة سفري..بينما الصورالعابرة للشاشة؛ نوع آخر من فضاءات تحكي عن واقع ممتد في الزمان والمكان.. ممسوس بالهلع.. شخوصها مسؤولون بسحنات الخوف، يلقون خطابات بكلمات مرتعشة..الكمامات تؤثث الوجوه..الهيئات الطبية مجيّشة..لقطات تملأ الشاشة لممرات تعج بالمرضى، والفوضى تداهم الأمكنة.
ألوذ بسريرتي، أحتمي بالمساحة البسيطة البيضاء الكامنة في أناي .يهمس لي صوت إيماني أن تماسكي؛ إنك في زمن يقوده مصاص دماء، تعوي في ركبه ذئاب عمياء..
تخبرنا الجغرافية المرتعشة على شفاه المذيعين، أن كل الأسطح الناتئة والغائرة ملء قبضته..يتسارع نبض القلق مع ميلاد كل يوم..ثقيلة هي اللحظات تحت نير الاعلام.. يخنقني دخان سفني التي أحرقتها البيانات اليومية، وأصر ألا أفتح السبيل لدموعي..كان صوت إيماني يمدني بالسلام..يوشوش لي أن لا أصغي للأخبار السوداء، وأن أنزع عني مشاعر الانهزام، حتى لا تتكدر روحي، و أن البشرى آتية..
تدركني بوادر بلسم سماوي صحي بدأ يرمم أحاسيسي. كان ذلك يوم بدأ يدب فوق شاشة حاسوبي إبداع أهل بلدي؛ أبناء وطني يبدعون في التآزر والتكافل مع الأسر المنكوبة بالتداعيات الاقتصادية للكورونا..موازاة لهذه الاخبار، تصلني أيضا إبداعات ساخرة عن واقع ملغوم؛ بلسم مضاد للهلع القابض على الأنفس..
تنبئنا الصور المتسللة إلى الهواتف المحمولة أن البشر والطبيعة مفطوران على الخير، وأن ما يسعد الانسان دائما ينبع من ذاته، ولا يأتي من المؤسسات..فبينما الربيع يتقدم مرتعش الخطو..والأشجار العطشى ترثي الاخضرار..تأتي الريح هادئة ودافئة، فتنتعش الافئدة باذن ربها..
انتفضت الشعوب بمرح..تسلل الضياء بألفة بين أطراف الجغرافية.. تدلت ورود الحب البرية على الشرفات السابحة في الضياء، المنتصبة على الجدران، فعانق شعاع الشمس ظلال الأرض. واستنارت قلوب التائهين ….

يتبع

Loading...