يوسف خليل السباعي: الغابة المهجورة

بقلم: يوسف خليل السباعي.

لم يسبق لي أن كتبت في هذا الموضوع، كما لو أن حاجزا نفسيا كان يقف أمام رغبتي في الكتابة عنه. والحقيقة أن ماجعلني أكتب عنه اليوم هو عثوري على صورة لي وأنا في الغابة المهجورة.

ذات يوم فكرنا في جريدة ” تمودة تطوان” أن ننظم رحلة للهيئة الصحفية إلى غابة، لن أذكر إسمها، هي معروفة، وكان أحد أحلامنا أن نتعرف على موجودات هذه الغابة.

قمنا، بكل الاستعدادات، وركبنا الحافلة الصغيرة، في غضون الطريق، وقع شيء لم يكن في الحسبان، سائق الحافلة الصغيرة لم يكن يعرف الطريق المؤدية إلى الغابة، ومن دون معرفة بالغابة الحقيقية أنزلنا في غابة، وقال لنا:” هذه هي الغابة… “. وإذن، دخلنا إلى الغابة. لكننا أدركنا للتو أنها ليست غابتنا، ولكن غابة مهجورة. كان السائق يعرف أنها الغابة فقط. لربما، استشعر في قعر نفسه أن الأمر يتعلق ب “رحلة”، والرحلة تساوي غابة. ونحن أهل الصحافة أهل الغابة.مهما يكن: ” أنتم في غابة!”.

قضينا النهار كله في غابة مهجورة، ذكرتنا بالعصور القديمة، حتى قبل أن يتم اكتشاف الكتابة. لقد أصبحنا نحن أهل الصحافة كمثل ذلك الإنساني البدائي برغم أننا كنا نرتدي: رجالا ونساء بدلات عصرانية، وليس “أثواب” الأشجار.

كانت الغابة تظللها الأشجار وبها مياه وجبال وأشياء أخرى.

استمتعنا برغم أن الغابة كانت مهجورة. وعندما أحسسنا بالجوع بعد الشبع بالمناظر الطبيعية المهملة، خرجنا منها.

شغل السائق محرك الحافلة الصغيرة، ركبنا، منهكين من الجوع، ومن التجوال الطبيعاني، فانطلق السائق، وهو لايبتسم، كمالو أنه حزين، شئ لايمكن وصفه تحديدا، وبعد هنيهة، توقفت الحافلة الصغيرة. نزلنا في حديقة معشوشبة، لا أتذكر تحديدا، لربما، حيز عشب أخضر نقي بطريق شفشاون، وشرعنا في أكل اللحم المفروم مشويا. وهكذا، انتهت الرحلة… والعودة، في الغد، إلى مكاتبنا في جريدة “تمودة تطوان” التي توقفت بقرار من صاحبها محمد ماشان نهاية سنة2015، والتي بقيت، قبل التوقف، هيئة تحريرها تشتغل بكل جهد: يوسف خليل السباعي، أنس الحسيسن، ياسين البرودني، والحبوسي وغيرهم، من دون أن أنسى نجاة…

Loading...