يوسف خليل السباعي: عن “الصحافة الصفراء” وأشياء أخرى

بقلم: يوسف خليل السباعي.

ليس هناك اليوم لاصحافة صفراء أو خضراء أو حمراء أو زرقاء، وماشابه ذلك من الألوان. في حقيقة الأمر إنني أصحح لأحدهم.

الصحافة الصفراء كنا نطلقها في وقت مضى على بعض الصحف التي كانت تعتمد في أخبارها ومقالاتها على الإثارة، والتشويه، وكانت ذات طبيعة ارتزاقية، وبالفعل، اغتنى منها مجموعة… كانوا يديرونها بوسائل ما، وهذه الصحافة لم تكن موجودة في المغرب فقط، وإنما كان لها طابع دولي، بمعنى أنها كانت موجودة، وحاضرة بقوة، شأنها شأن أي مركز تجاري، لأن أحد أهدافها كان هو الربح وتغذية أذهان القراء بالأخبار المثيرة، بل وحتى الملفقة.

وحتى لانقع في التيه، أقصد هنا الصحافة الورقية، أي المكتوبة ( التي لاتقرأ إلا عند القلة القليلة اليوم، أو أن منسوب قراءتها في انحدار). كما أنه، من ناحية أخرى، لم يكن هناك ألبتة مايدعى بوسائل التواصل الاجتماعي أو الشبكيات الاجتماعية. كانت الكتابة بالقلم والورقة البيضاء. وإذن، على من يتكلم اليوم عن الصحافة الصفراء أن يبحث عنها في الزمن الماضي، أو المفقود.

الواقع الصحفي اليوم يتطور بشكل سريع إزاء تطورات التكنولوجيات الحديثة التي لايستطيع أحداليوم إيقافها، لأنها تتسارع وتقبض على الحدث والحادثاث في زمن قياسي، ولا أحد يستطيع أن يمتلك الحقيقة الصحفية والإعلامية، أو أن يحددها إلا باحترام أخلاقية مهنة الصحافة، والتحقق من المعلومات بذكاء، قبل نشر أي شيء. إن الأمر هو أكبر من صحافة صفراء لاوجود لها، وإنما هو تاريخ صحافتنا المكتوبة، من التأسيس إلى اليوم، وماهي تحولاتها، وإذا كان بإمكانها أن تواكب تطورات التكنولوجيات الحديثة، وتنافس المواقع الإلكترونية، التي انتقلت من الكتابة، والتي لم تعد تقتصر عليها فقط إلى الصورة والفيديو لأجل تطوير فاعليتها، ومع ذلك تظل في مرحلة مبكرة باحثة عن التبديل، والتطوير، ثم، أخيرا، هناك مسألة الدعم الصحفي… الذي يطرح أكثر من سؤال، إلى غير ذلك من الأمور الأخرى، التي لايسع الحيز، لذكرها، ومن بينها بطاقة الصحافة الصادرة عن المجلس الوطني للصحافة بالمغرب، والتعامل معها من طرف بعض الجهات، لأنه، حتى وإن كانت لديك بطاقة، قد تمنع أحيانا من مزاولة عملك الصحفي… وبرغم البطاقة، هناك، لا أحد قد يقف في وجه ديناصور التكنولوجيات الحديثة وسرعة النشر.

Loading...