تحرير: يوسف خليل السباعي.
شيء ما يجعلنا عاجزين عن قراءة هذه اللوحة الآسرة تشكيليا وفنيا ليوسف الحداد، الذي يفاجئنا كل مرة بلوحات متفردة على المستوى الإبداعي. وفي حقيقة الأمر، إن هذا العجز، أو التعجيز في قراءة اللوحة نابع من الخوف من موضوعتها: الموت.
إن يوسف الحداد بخطوطه الهاربة في اللوحة، وبتلك الظلال التي تظهر في اللوحة كأشباح رمادية غامقة، والألوان الغامقة والمتفتحة المنظورة والمستباحة، بله المتشابكة والمتشاكلة تضعنا في مأزق. إنها، في واقع الأمر، لوحة تضعنا في استشكال لا نستطيع استيعابه، بل إن الفنان التشكيلي يوسف الحداد يجعلنا غارقين في التأمل في هذه اللوحة، فهو يتركنا مذهولين، ويرحل بعيدا، لأن المسألة تتعلق بالموت، ذلك المصير المحتوم على كل البشر.
إن يوسف الحداد وهو يظهر لنا وجها لابشريا، أي وجها مشوها، ومرعبا، غير أنه منير كملاك يعانق – بطبيعة الحال _ هيكلا عظميا مرعبا هو الآخر يخدعنا، بل ويخيفنا في آن معا.
إن المعانقة تستدعي الرقة، والوداعة، واللطف. أما هنا، فهي تلميح لأمر غير مفهوم، بل وحتى ملتبس، ولكنه، كائن، و متفشي كالوباء. ولايمكن (مقاومته)، أمر لايفرق بين هذا أوذاك، إنه، وبكلمة واحدة غير عنصري، ولكنه فتاك.
ولكن، مع كل هذا، ثمة شيء ما يبرق في هذه اللوحة، برغم الرعب والكآبة، المهيمنان عليها: نور يلمع في وجه المعانق للموت، نور الملاك المرعب!