فيروس “كورونا” والإقتصاد العالمي

بقلم: الأستاذ سفيان الرزاقي

وفقا لوسائل الإعلام العالمية يبدو ان الاقتصاد العالمي بات متأثرا بوضوح و جلاء إثر انتشار فيروس كورونا المستجد الذي وصل إلى اغلب دول العالم، حيث كانت بداية ظهوره و انتشاره في مقاطعة ووهان الصينية منتصف شهر دجنبر 2019.

و انطلاقا مما ذكر آنفا، فالأسواق المالية العالمية تأثرت سلبا و بشكل كبير نتيجة تفشي الفيروس، و ذلك لأن العالم أصبح أكثر ارتباطا ببعضه البعض منذ بداية الألفية، لكن بعض القطاعات الحيوية تأثرت أكثر من غيرها؛ كانخفاض على مستوى النفط و مشتقاته الذي يمثل ركيزة أساسية في قطاع الطاقة.

كذلك قطاع السياحة الذي شلت حركته بالكامل، و تبعا لهذه القطاعات نجد مجالا حيويا و خصبا ألا و هو قطاع السيارات التي اعلنت من خلاله سابقا شركة “فيات كرايسلر” عن احتمالية إغلاق بعض المصانع في أوروبا نتيجة النقص في قطع الغيار الآتية من الدول المصنعة و المصدرة لها و التي تضررت بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا.

بالمقابل هناك بعض القطاعات الأخرى التي استفادت من انتشار هذا الفيروس، او بالأحرى الهلع و الخوف الذي سببته هذه الأخيرة، حيث عمد المستثمرون للاتجاه صوب الملاذات الاستثمارية الآمنة و في طليعتها الذهب و السند، و الدليل على ذلك ارتفاع الذهب منذ بداية عام 2020 بنسبة 8،92%، بالمقابل انخفض العائد على سندات الخزانة الأمريكية إلى 1،9%.

و يعزى السبب الرئيسي لتوجه المستثمرين لهذه الملاذات الاستثمارية الآمنة هو التخوف من تبعات تفشي كورونا و غياب بداية لنهاية انتشار هذه الجائحة العالمية.
صراحة لا يجب ان نغفل عن بعض القطاعات التي استفادت بشكل كبير من تفشي و انتشار الفيروس التاجي، نذكر على سبيل المثال لا الحصر؛ قطاع الرعاية الصحية، حيث استفادت شركاته و خاصة شركات المنتجات الطبية ذات الاستخدام لمرة واحدة و مستلزمات المختبرات.

كما دأب المستثمرون على ترصد انخفاض الأسهم و شراءها بعدما انخفضت بدون مبرر يذكر، و التي تعتبر استثمارا نافعا و لا سيما في هذه الظرفية الحساسة.

و للمقاربة أيضا، فبلادنا و الحمد لله لازالت حركتها الإقتصادية صامدة و لم تقيد حركاتها الصناعية و الإنتاجية رغم تفشي الوباء، بل انخرطت ضمن منظومة العمل التضامني و التكافلي لإخراج هذا البلد الحبيب من الأزمة الإنسانية و المادية، و ذلك بمحاربتها للوباء و إمداد القطاعات الحيوية بكل ما يلزمها و مساعدتها كذلك للصندوق الوطني لمكافحة و مواجهة جائحة فيروس كورونا، الذي أمر بإحداثه و المساهمة فيه صاحب الجلالة و بقرارات سامية منه لتدبير هذه الأزمة، كما انخرطت مجموعة من الهيآت و المؤسسات بالمساهمة في هذا الصندوق.

و من الناحية الإنسانية، لابد من الإشارة إلى المجهودات المبذولة من طرف الحكومة و الجهات المسؤولة العمومية و الصحية، التي تجندت لمقاومة و حصار تفشي هذا الوباء ببلادنا.

و ذلك بسنها مجموعة من القوانين و الإجراءات الاحترازية و الوقائية للتصدي و الخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر البشرية و المادية، و ما يدعو للتفائل رغم ارتفاع نسبة عدد الإصابات حتى يومه الجمعة 17 أبريل 2020 إلى 2564 حالة مؤكدة و 281 حالة شفاء و 135 حالة بالنسبة للوفيات.

إذا يبقى المغرب من الدول التي حظيت بإشادة عدة صحف عالمية لشدة الإجراءات الاحترازية و الضربة الاستباقية للأحداث بغية الحد من انتشار وباء فيروس كورونا المستجد.

Loading...