مخاطر وخوف وفرح.. طبيب يروي تجربته الاستثنائية في “حرب” كورونا بتطوان

إلى جانب مجموعة من زملائه من الأطباء والممرضين بالمستشفى الاقليمي سانية الرمل بتطوان، تطوع الدكتور الحسين بنعزوز، بأن يكون في المعركة التي يخوضها المغرب في مواجهة جائحة “كورونا” المستجد (كوفيد 19)، بشكل مباشر.

تجربة استثنائية

ووصف بنعزوز، في حديثه مع “طنجاوي”، هذه التجربة بـ”الاستثنائية”.
وقال “كنت أعمل بمصلحة المستعجلات وانتقلت إلى مصلحة “كوفيد19″ بكامل الإرادة، استجابة للواجب المهني الذي أدينا القسم عليه”.
وأضاف بنعزوز “لم نكن نتصور يوما أن نصل إلى فرض حالة طوارئ صحية بمختلف ربوع المملكة”.
وأكد المتحدث ذاته أنه و”منذ بداية هذه الأزمة كنا نتوقع أن نصل إلى هذه المرحلة، وقد تهيأنا نفسيا إلى جانب الإعداد المادي، واللوجستي، لنكون في مواجهة هذه الجائحة”.

مخاطر

وزاد بالقول “كل يوم نواجه مخاطر متعددة بالنظر للعلاقة المباشرة مع المرضى من خلال تتبعنا لمختلف المراحل العلاجية من تحاليل وغيرها”.
وعن كيفية التعامل مع هذه المخاطر يقول بنعزوز “أتعامل مع المرضى المصابين بالفيروس كأي مريض عادي، دون التفكير في المشاكل المترتبة عن ذلك بما فيها إمكانية انتقال العدوى، نتخذ الاحتياطات الواجبة في مقدمتها اللباس الواقي، ونتعامل مع المريض كأي مريض آخر يحتاج العناية من طرف الطبيب”.
وأكد المتحدث ذاته أنه يستحضر خلال عمله في التصدي لفيروس “كورونا” المستجد (كوفيد 19) تجاربه السابقة “في مواجهة أمراض أخرى معدية؛ كالتهاب السحايا والسل وغيرها بكل احترافية”.

خوف وساعات طويلة

وجوابا عن سؤال حول مدى شعوره بالخوف أثناء عمله مع المصابين بهذا المرض المعدي، قال الطبيب بنعزوز “نحاول أن نتناسى خطورة هذا المرض الذي قد تصل إلى الموت، لأنه إذا فكرنا بهذا المنطق لن نؤدي عملنا بالمهنية المطلوبة، وينبغي أن لا نخاف أو نهرب مواجهة المرض”.
وشدد الطبيب على أن المتعب في عمله في ظل هذه الظروف الاستثنائية هي ساعات العمل المتواصلة والتي تتراوح بين 10 و12 ساعات يوميا، بما يتطلبه ذلك من تجند في أي وقت من أجل إجراء الإجراءات الطبية الضرورية من تحاليل والفحوصات بسرعة.
وإلى جانب ساعات العمل الطويلة، فإن ما يزيد من صعوبة العمل ـ بحسب الحسين بنعزوز ـ في هذه الظروف الاستثنائية هو البعد عن العائلة، بالنظر إلى تخصيص فنادق للأطباء؛ إذ يقتصر التواصل عبر الهاتف، أو مواقع التواصل الاجتماعي.

تعاطف

على الرغم من النقائص التي يعرفها القطاع الصحي بالمغرب منذ سنوات، إلى أن الجميع مجند ملكا وشعبا لمقاومة هذه الجائحة، ولنكون السد المنيع لئلا يتفشى المرض في المجتمع.
ولم يغفل الطبيب الحسين بنعزوز في حديثه لـ”طنجاوي” التوقف عند حالة تعاطف الكبير من طرف المواطنين مع موظفي قطاع الصحة.
وقال في هذا الصدد “الحمد لله، كانت الصورة مهتزة عن القطاع الصحي؛ بالنظر للظروف التي كان يعيشها القطاع، والتي كانت تحول دون إثبات كفاءات الأطر الصحية”.
وتابع مستدركا “أما الآن المواطن بات يقدر قيمة الطبيب والممرض وموظف الصحة في التصدي للأمراض المختلفة، والتي يمكن للمواطن أن يعلم بها، ونحن نواجهها بشكل يومي في أقسام المستعجلات، والمصالح الاستشفائية المختلفة”.

“كورونا” في تطوان

وفي حديثه عن الوضع الوبائي بمدينة تطوان أكد بنعزوز أن أكثر العوامل المساعدة على تخطي المدينة لهذه الظرفية الصعبة هو صغر المدينة مقارنة مع مدن أخرى، والتي لا تعرف نشاطا اقتصاديا مهما كما الحال بالنسبة لمدينة طنجة مثلا، وهو ما سيسهم ـ في نظر الطبيب ـ في التحكم في انتشار هذا الوباء عبر الحجر المنزلي، والتباعد الاجتماعي.

وشدد لمتحدث ذاته على أنه يمكن التغلب على المرض من خلال الالتزامات بالتعليمات والنصائح التي تعطى في هذا الشأن لقطع الطريق أمام تفشي الجائحة.

حزن وفرح

لا يخفي الدكتور بنعزوز اختلاف مشاعر مختلف الأطقم العاملة في مواجهة الفيروس وتأرجحها بين الحزن والفرح.
ومن المواقف الحزينة خلال هذه التجربة بالنسبة للدكتور بنعزوز هي إصابة عائلة بشكل جماعي بالمرض، واستقبالهم بالمستشفى، وعزلهم في غرف مختلفة ضمن إجراء الحجر الصحي، وعدم القدرة على التواصل المباشر في ما بينهم.
ويستذكر بنعزوز إحدى أصعب هذه اللحظات حينما استقبل المستشفى أربع حالات تتعلق بأم وثلاثة من أبنائها، ولحظة الفراق بينهم بعدما أكدت التحاليل أن حالة كل من الأم والبنت إيجابية (مصابة بالمرض)، في الحالتين الأخريين سلبية ولحظة الفراق الحزينة بينهم.
وقال بن عزوز في هذا السياق، “نحن بدورنا نشعر بحزن هذه اللحظات الصعبة التي يفرق فيها المرض بين أفراد الأسرة، ونحس بهذا الألم الذي تعيشه هذه الأسر”.
في المقابل، يصف الطبيب على ما تشكل حالات الشفاء الجديدة، من شعور عارم بالفرح وهي تغادر المستشفى؛ لأننا نرى ثمرة عمل متواصل للطاقم ككل، وقد نجحنا في المهمة وتغلبنا على مرض خطير.
ويضيف “نتمنى شفاء كل المرضى ومغادرتهم المستشفى، حتى تعود الحياة إلى طبيعتها”.

طنجاوي – يوسف الحايك

Loading...