فيروس كورونا “كوفيد 19” بين التحدي النفسي والتحدي الإجتماعي

بقلم ؛نورة الفقيهي.

لو تجسد فيروس كورونا في هيئة مرئية لكانت صورته بشعة ومرعبة ،في أقل من أربعة أشهر إكتسح الوباء المعمورة أقوى دولها إلى أصغرها وأضعفها وبات الليل والنهار كيف تعايشت البشرية مع زائر لا يبتسم إلا ليفترس ضحاياه وكيف أتر فينا نفسيا واجتماعيا ؟هل قتل فينا روح التعاطف والتكافل أم بعتها من أعماقنا ؟وهل فجر فينا نوازع الخير الينابيع أم أطلق الشرور من محابسها ؟
كيف يبدوا الإنسان في زمن كورونا ؟
متل الأسى الجنائزي وجها صادما لحياة طغى عليها ما سماه خبراء والمنضمات بوباء الهلع والمغلطات في النضرة للمصاب وتصنيفه ذهنيا كأنه مسؤول عن مرضه ماقد يدفعه إلى خانة النبد في استدعاء لعقلية العصور الوسطى لتعامل مع ضحايا الأوبئة بتوحش سببه عدم الفهم وتسطير الخرافات وذلك مما لم تغادره البشرية تماما فحتى ثلاتين عاما مضت عندما إنتشر مرض نقص المناعة المكتسبة وما رافقه من تنميط كاذب غالبا ها هو يتجدد اليوم وإن أقل مع وباء أكتر إنتشارا صار فيه الأخر مهما قرب مصدر تهديد خافي يخبئ تحت جلده مايسمى بالنفادي والفتك ببشر متحصنين في بيوتهم وبمناعتهم.
ويرد بعض السلوك إلى غموض المرض خصوصا في البدايات ما أغرق الناس في فوضى معلومات تتدفق وتتلاقى وتتناقض ،ضغوط هائلة على بشر معزولين دفع إلى تحذير ألماني بأن قيود الإغلاق الشديد مع طول الوقت له تأتيرات خطيرة على الصحة النفسية والعقلية فضلا عن الضغوط الإقتصادية والمالية.
إنه قلب الجدل المحتدم اليوم عن تخفيف مدروس لإجراءات الحجر الصحي وتحقيق المعادلة المنشودة بفتح الحياة ومراعات الأسس الصحية ذلك قد يعني أن يصير الطارئ عاديا وأن تصبح الأسوار الوهمية باسم التباعد الإجتماعي أسلوب حياة.
لقد أعاد الوباء تعريف العولمة إلى توحد لا مادي وتوارت خلف تحدي مجهري أسئلة الوجود الكبرى.
ينبد الرئيس الألماني تعبير حرب ويفضل عبارة إختبار الإنسانية ومنها أن يدرك الإنسان كم إستهلكة أكتر مما احتاج وكم أنفق وقتا تمينا في قيمة أقل وأن يتصالح مع الأرض والطبيعة التي تنفست أخيرا.
كنا ننشد في السنوات الأخيرة ما يسمى المرافقة عن قرب فأصبحنا الآن نستعمل هذا المصطلح وهو الإبتعاد أو التباعد الإجتماعي علما وأن في الأيام الأخيرة هناك جدل يذهب إلى استعمال مفرط المسافة الفزيائية أو المسافة الفضائية لأنه مهما ابتعدنا عن بعضنا البعض فإن التباعد الإجتماعي غير دقيق وبالتالي يمكن أن تبتعد عن المسافة لكن مشاعر التعاطف كلها معك حينها يمكن أن نطرح علاقتنا بالآخر علاقة الوجود علاقتنا بالطبيعة ،هذه الأسئلة ستجيب عليها البشرية في السنوات القليلة القادمة.
في هذه النقطة تقريبا كتب عديدة ووسائل التواصل الاجتماعي تحدثت على أنها فرصة لكي ننضر إلى الداخل أن نتعرف على أنفسنا أكتر ولكن واقع الحال من يجلس في بيته محجورا لمدة أسبوع أو أسبوعين يشعر بشيئ من الغضب ربما من كل شيئ وهذا هنا هو الخوف.
الكتير من المجلات الطبية تحدثت عن تأثير نفسي خطير إلى أي حد فعلا في مجتمعنا هذا التحدي أساسي ؟
حياتنا اليومية إذا ما تواصلت تخلق لنا نوع من الإبتعادات ونوع من الإستجابات وبالتالي نوع ما يسموه البرمجة العصبية اللغوية الحركية ،يعني شخص تعود متلا له نسق حياة يذهب يوميا للعمل يعود إلى العائلة ،يلتقي لأصدقائه يوميا…. ،فكل هذا يقع تجميده فقط وربما في الأسبوع الأول هو عودة إلى الذات ومسائلة الذات في علاقتها بعالمها الصغير ،ولكن حينما يطول الأمر وهذه التجارب قامو بها علماء النفس الإجتماعي مند الأربعين أنه كلما ضيقنا الفضاء بالمعنى المكاني للكلمة كلما أصبحنا لنا الإستعدادات تماما في حالة السجن متلما يسجن الإنسان فهو يحرم من تلك العلاقة بالأشياء تلك العلاقة بالفضاء المفتوح تلك العلاقة بالناس لكن الخطر الأكبر هو عندما تصبح علاقتك متلا الزوج أو الزوجة مع الأطفال فجأة تأخد بعد آخر يعني قد يكون عشق مع زوجتك أكتر من عشرون سنة لكن فجأة تعرف جوانب لم تكن تعرفها بحكم هذا الوضع الموجود حاليا ولذلك الكثرون يضحكون ولذلك هناك شيئ جانب جدي في الموضوع ،هناك توقعات لحالات الطلاق كثيرة هناك مشدات وصلت لحد مؤسف جدا ،إلى أي حد يمكن التغلب على هذه النقطة ومعالجتها ؟
في علاقتنا بالأشخاص والأفراد في هذا الوباء وكأنما متلما يضع الطبيب مجهره على الوباء وعلى الفيروس فإن نفس الشيء يقع تقريبا تركيز على السلوك اليومي في التفاصيل على الأشخاص وهذا مزعج يعني حينما تشعر أنك تحت رقابة الزوجة أو تحت رقابة أبنائك في تفاصيلك اليومية متلما يكون الفيروس تحت رقابة المخبر أو المجهر فهذا يفجر الكتير من ردود الأفعال غير متوقعة ،اكتشافات المتبادلة غير متوقعة رغم أننا نتوهم نعرف أزواجنا ونعرف أبنائنا في تفاصيلهم وإذا بنا نكتشف أشخاص أخرين في سلوكاتهم اليومية ،هذه حالة الرقابة اليومية وأننا تحت مجهر أبنائنا وأزواجنا تدفعنا في الكتير من الأحيان إلى سلوكات لا نؤالفها ولم نتعود عليها وبالتالي كما قلت منسوب الإحتجاج على تلك الرقابة في التفاصيل اليومية وربما حتى منسوب العنف وردود الأفعال الغير الموزونة يجعل هذا الفضاء الحميمي يتحول إلى فضاء مشحوب بالتوترات ولذلك كل الأنضمة الآن في كل البلدان تتحدت عن معدل العنف المسلط على الأبناء وعلى الزوجات قد تضاعف وهذا يؤكد إذا ما طالت مدة الحجر الصحي.

يبدو أن العبور ليس كابوسيا لعله ببساطة بداية مختلفة
والواضح كلنا يجب علينا الإستعداد لحياة جديدة تختلف عن حياتنا من قبل وليس بالضرورة شيئ سلبي

Loading...