يوسف خليل السباعي
2- كانت ابتسامة سناء تصعد من كبدها وتتمظهر في عيونها فتضحى شمسا تغرقني، عند النظر إلى وجهها، في يم الفرح. كانت عزلتها فائض متعة!… هل كانت تعرف المعنى الحقيقي للوقوع في الحب؟… لا أتخيل ذلك بتاتا. كانت تجيد حرفتها: الخياطة.
لم تكن سناء، كما قالت لي ذات مرة، خياطة، أو تفكر في احتراف هذه الخدمة.
قالت:” كنت في مالقا أعمل في بيع اللباس، وهكذا، مع مرور الزمن، وبعون من مانويلا، التي كانت تمتلك محلا ممتازا للباس الأنثوي والذكوري، تعلمت سبل البيع وخدعه، فتمكنت من كسب المال، وهكذا، اشتريت منزلا في مالقا، قمت بتأثيثه بشكل باهر. ذات يوم، توصلت برسالة مقتضبة من أخي أحمد، يخبرني فيها بأن أمي مريضة، فتركت كل شيء، وسارعت إلى السفر إلى تطوان. كانت أمي مريضة للغاية، أو على وشك الهلاك. عندما أبصرتها، عند وصولي، أصابني هلع، لم أكن أتخيل أن أمي ستفارق الحياة مباشرة بعد وصولي إلى المنزل. جالت أمي ببصرها في الفراغ. لم تحدثني بأي شيء، ثم حصل ما حصل”.
قررت سناء أن تمكث في تطوان، وبما أنها ثرية إلى حد ما اكترت محلا بسانية الرمل. كان هذا المحل مجاورا لمنزلي…، كما اشترت منزلا بحي التوتة!…
كنت أود سؤالها عن مانويلا. من هي؟!… لكنها اكتفت بنطق إسمها فحسب. لم أكن أكثرت في ذلك الوقت بأمر مانويلا، لأنني، حقا، لا أعرفها، ولا أعرف عنها شيئا، لكن سناء تعرف عنها الشيء الكثير. سناء كتومة!… لكنها ليست خجولة. قد تبدو كذلك، لكنها تغطي خجلها بابتسامتها الساحرة، الخالبة، والشمسية.
كان الظلام يحيط بالشرفة!
الشرفة حيث يخرج الرجل الصامت، الغامض، رجل النظارة السوداء الذي لا أعرف إسمه.
خرجت للشارع، فأحسست ببرد يخترق جسمي، كان بردا أبيضا كالثلج، ولم تكن هناك، في السماء، سوى نجمة وحيدة!… ربما خيل إلي ذلك ساعتها، وبلا انتباه، تجلى ملاك بأسنان حادة، ارتعبت، وبلا حراك، وجدت نفسي عاريا. كانت ملابسي قد غادرت جسدي بلا استئذان. هذا الملاك أشعل الشارع بنوره،ثم اختفى. وفي برهة، عاد الظلام.
عندما دخلت إلى منزلي، تحسست صدري، كان النور قد عاد، فاندهشت من أن أسنان الملاك قد انغرزت فيه، بلاوعي مني لما حصل، تاركة علامة تقطر دما!…، كانت علامة غريبة مثل وشم ملغز، أو صندوق (صغير)!…