يوسف خليل السباعي
لا ٱستطيع أن أتحدث، بأي حال من الأحوال، عن التجربة الصحفية لجريدة “الضمير” التي كنت رئيس تحريرها ومحمد خليفة مديرها، ولطيف كاسيدي سكرتير تحريرها، كان هناك، طبعا، أعضاء في هيئة التحرير، ولكن العبء الأكبر كان على عاتقنا أنا وكاسيدي الذي كان يقوم بدور كبير في هذه الجريدة، حيث كان مكلفا بكتابة المقالات والأخبار والإخراج التقني والتحرير، أيضا، وهو يمتلك حقا قدرات صحفية هائلة. كما أنه كان معروفا في مدينة تطوان بصراحته، ولباقته، وجسارته، ومرحه. أما خليفة فكان هو الممول للجريدة. كنا نعمل داخل استوديو التصوير الذي يملكه خليفة، هذا الأستوديو يوجد في موقع بالقرب من المتحف الأثري لتطوان. وكانت الجريدة تشتغل بإمكانياتها الذاتية، حيث لاوجود للدعم أو شيء من هذا القبيل. كان العمل الصحفي المكتوب أو الورقي في ذلك الوقت له بعض المردودية، إلا أنها محدودة، وعلى الرغم من ذلك استمرت جريدة ” الضمير” في الصدور بالقدرات الخاصة والإمكانيات الذاتية لأن الحرص على استمرارية الجريدة كان من صميم هدفنا خصوصا وأن الضمير اكتسبت قراء لها.
وللحقيقة التاريخية، أقول إن بعض الأعداد كانت تنفذ من السوق، وليس ذلك ببعيد عن”الضمير” التي كانت تتطرق لقضايا و مواضيع اجتماعية وسياسية وثقافية جديرة بالاهتمام، وكانت هذه المواضيع تثير ردود فعل شديدة اللهجة والقوة من قبل بعض الأطراف والجهات التي لاتريد لوجهها أن يلطخه سواد حبر الجريدة. وكانت بعض الأعداد تثير غضب الأطراف المذكورة.
ذات مرة، صودر عدد برمته، بتدخل أعلى، من داخل المطبعة، وهناك، من ذكر، فيما بعد، أن مدير الجريدة أوقفه، ولكن أنا لم يكن لدي علم بالأمر، ربما، بسبب الضغط، أو بسبب الإرهاق التام، أو القلق الذي أصابنا بفعل المضايقات، وكان الموضوع يتركز على فضيحة مدوية. بيد أنه على الرغم من هذه المضايقات على حرية التعبير والفضح الذي هو من سمات الصحافة لم نتوقف، واستمرت جريدة “الضمير” في الصدور إلى أن نزل عندنا في الاستوديو ضيف غريب، لم يأتي بقصد التصوير، وإنما ليهدم البنيان، حيث نشر كاسيدي موضوعا حول شخص…فغضب هذا الشخص، وما أن رفعنا رؤوسنا حتى تساقطت علينا وابل من الاستدعاءات القادمة من دائرة الشرطة، فتم الاستماع لخليفة وكاسيدي، ثم أرجأ الموضوع بالنسبة لي لمدة إلى أن تم استدعائي من طرف الشرطة فأدليت بأقوالي في المحضر.
بعد كل هذا المشوار السيزيفي ل”الضمير” تفرقت بنا السبل، وبقيت “الضمير” ذكرى وعاد استوديو التصوير لعمله كالمعتاد.