5- لم أنسى أبدا صفعة سناء لي، ولم أسامحها على ذلك، مهما بلغ وقوعي في حبها. ظلت سناء لأيام تهتف لي، لكنني لم أكن أرد عليها. كنت غاضبا من تصرفها الأرعن.
ذات ليلة رمادية، خرجت من منزلي غير مبال بالشرفة، أو مايوجد خلفها. كان الشارع فارغا، لكن صورة الرجل الغامض، الأكمه، المقعد، لم تغادر ذهني. كنت أحيانا أتخيله وحشا داخل تلك الغرفة- المغارة المعتمة!.
كان الوحش يتراءى لي، غيرمامرة، في خيالي، بظهره الأعرض، مخيفا، كما لو أنه سينقض علي في كل مرة أخرج فيها من منزلي.
أمر ملغز. لم يكن بمقدوري حل شفراته، لكن هذا الأمر أصبح يؤثر في كينونتي، ويقلقني، فأنا لا أقدر، حتى الآن، على اختراق منزل الرجل، أو معرفة مايوجد خلف الشرفة.
كانت خطواتي ثقيلة. كلما تقدمت خطوة، عدت إلى الخلف كما لو أن يدا سمينة تجرني عندها بقوة. لا أعرف ماذا يحدث؟!…، يد لها قوة الريح، التي لاتعرف هل هي من تحملك أم أنت من تحملها.؟!…، ربما، كان الأمر يدفعك إلى العودة. هل هي عودتي أنا من لست أنا؟!.. أو أنا هو!… أمر ملغز. وماذا لو كان الرجل الغامض أسطوري؟!…، ألا يبعث ذلك على الحيرة…، لكنني شاهدته في الأول يخرج إلى الشرفة. لم يكن الأمر وهما. كان واقعيا. فعليا.
كانت اليد، في تلك الليلة الرمادية، تدفعني للعودة إلى المنزل. اليد السمينة… اليد السمينة… التي لاترحم. اليد الأنانية، التي، ليست” عطوفة”، ولا ” رشيقة”. يد لاغير. يد عشوائية مسودة كسواد الثلج!…
لاأعرف، لأي سبب، أحسست بالبرد، فارتعشت- ارتعدت، وعدت توا إلى المنزل. تناولت، فقط، ملعقة من الزنجبيل، ثم ارتميت على البساط الأرضي، ونمت، مستبعدا التفكير فيما حدث أو ما سوف يحدث…
يتبع