يوسف خليل السباعي
عند كل باب كان العراك بين الصحفي والسيكوريتي. هذا ماعشته من قبل. كنا في أي مهرجان لابد من العراك، وقد وصل الأمر إلى قسم الشرطة، والمحكمة في حالة الصحافي أحمد موعتكف، الذي تنقل بين مجموعة من المنابر الصحفية والإعلامية حتى وصل الآن إلى “شوف تيفي”. ولكن لمن لايعرف، فإن موعتكف بد أ مشواره الصحفي مع جريدة ” الجهة” التي يديرها الصحافي محمد ريان، وهذه القصة على موعتكف أو ريان حكيها، ومن بعد التحق ب” العلم”، ولإلتحاقه بالجريدة الغراء قصة ثانية لايسع الحيز لحكيها، ولكنها مترسخة في الذاكرة. وكنت أقول له دائما إن مهمتك التصوير لا التحرير، ولكنه تعلم أساليب الكتابة الصحفية، وهو مصور صحفي محترف، وكان قد أصدر جريدة خاصة بالصورة سماها” الصورة الصحفية”.
وعلى ما أذكر كان يمنع من التصوير في بعض الأوقات أو تتعرض آلة تصويره للكسر، اشتغلنا معا في جريدة ” العلم”، كمراسلين صحفيين من تطوان بعد أن رحل عبد السلام ماشان ومحمد صوصي علوي من الجريدة الغراء، ثم راح موعتكف إلى “المساء” التي كان يديرها آنذاك رشيد نيني… والحقيقة أنني لم أتذكر موعتكف وأنا أكتب هذه الحلقات إلا محشوا مع السيكوريتي، لا أدري لأي سبب، ولكن لأنني كنت في المهرجان بساحة الولاية والعراك بين موعتكف والسيكوريتي الذي كسر كاميرا التصوير الخاصة به شاهدته، وتدخل الشرطة.
لم نكن نسمع عن هذه الوظيفة، لكن منذ سنوات أصبحت متفشية في مجتمعنا. هذه الوظيفة، التي أتكلم عنها، هاهنا، هي وظيفة” السيكوريتي”، مع أنني أنا شخصيا لا أحب هذه التسمية. وظيفة تقوم على حماية الأماكن العامة سواء كان الأمر يتعلق بالأسواق والشركات والجامعة والأماكن الترفيهية…من بينها الفنادق…
وذات مرة، وأنا أتصفح بعض المواقع الإلكترونية وجدت قصاصة كتبها أحدهم في موقع من المواقع الإلكترونية يشفق فيها على” السيكورتيين” ومحشي فيها هذا الكلام: “… لأن الناس يحتقرون السكيورتيين يتعرضون لأنواع من الكلام البذيء والشتم وأحيانا الاعتداء والضرب، وهم لا ذنب لهم مجرد منفذين لأوامر المسؤولين عنهم.
لو تعرضت الشركة لنهب أو تعرضت الأسواق إلى مشاكل أو شكوى ضدهم أو مخالفة أوامر المسؤولين فأصابع الاتهام موجهة إليهم، وبدون تردد يوقفون عن عملهم ويهددون بالفصل نهائيا ومن ثم إلى أين يتجهون.. فرواتبهم ضئيلة، لا تكفي رواتبهم في إطعام صغارهم أو مساعدة أهاليهم ومصاريف حياتهم اليومية، ودوامهم تصل أحيانا إلى 24 ساعة أو أكثر ..فكم من موظف أمن أو موظفة أمن تركوا أولادهم وأهاليهم للعمل ووقوفهم لحراسة أمنية في المراكز التجارية والشركات، فيجلس ينتظر حتى آخر موظف، يخرج من السوق، لم يذق طعم النوم، و طعم الراحة، أو يمارس حياته مثل أي موظف في الدنيا، وهؤلاء لم يؤمن لهم التأمين الصحي أو التأمين الاجتماعي، ومن ثم، يتعرضون للإهانات من قبل الناس ومن مسؤولين، ولكن قلوبهم قوية، صامدة لم تنهار مع الإهانات بل يكملون عملهم.
فهذه الفئة و نتعاطف معهم، على الأقل، نكرمهم على جهودهم، في الحماية.
فهم لا يمنعون من تلقاء أنفسهم، إنهم مجرد عبد مأمور لا أكثر من ذلك ..
فأرجو أن تحترموا هذه الفئة، لا سيما وأنهم إذا أخطئو سيتم تهديدهم بالفصل من العمل أو بقطع أرزاقهم…”.
في حقيقة الأمر، هذا كلام “جميل”، و”مهذب”، ينم عن نوع من التعاطف مع ” السيكورتيين”، ولكن لندخل في صلب الموضوع، حقيقة أن الرواتب التي يتقاضونها ضئيلة، وأنهم يطبقون تعليمات أو أوامر فوقية لأسيادهم، لكنهم يبالغون في استعمال الشطط في وظيفتهم. وكثيرا ما يتخيل ” السيكوريتي” أنه رجل أمن حقيقي، وهذا هو منتهى الوهم. إنه يمارس وظيفته كما لوكان فعلا رجل أمن، وكم من الحوادث التي سجلت بسبب غلوائهم في ممارسة هذه الوظيفة بشكل عشوائي، وهذا يجعلنا نضحك، وكم من قضية في المحاكم بسبب هذه المبالغة. هاكم بعض الأمثلة البسيطة التي تدل على تهور السيكورتيين: واحد، قام بتكسير آلة تصوير صحفي في مهرجان من المهرجانات، وأحيل على المحكمة، بعد أن تم استنطاقه من طرف الشرطة القضائية، وثاني، يعمل رئيس السيكورتيين بأحد الفنادق، أصبح هو ” الباترون”، مع أن ” الباترون” رجل طيب، وأصبح يتجاوز صلاحيات مدير الفندق، ورئيس الموارد البشرية بالفندق، وأصبح يضرب الرقم القياسي في المنع… وثالث، ورابع إلى آخره.
وفي الأخير، على السيكوريتيين أن يخضعوا لتداريب وتكوينات، لأنهم يعانون من قصور في هذا المضمار، وعلى رؤسائهم أن يحترموا هذه الوظيفة.
ولكن موعتكف يصور اليوم بكاميرا جديدة وفي يده ميكرو، ولا أثر للسيكوريتي.