يوسف خليل السباعي
كيف كان يرى المخرج المصري صلاح أبوسيف الفنان والممثل المصري عادل إمام؟!…
إنني، لن أدخل في تفصيلات بعينها، ولاتهاني، ولا مدح في شخص الفنان والممثل المصري عادل إمام، ولن أكون مجاملا، لأن مايهمني بالأساس هو الشخصيات التي يؤديها عادل إمام في أفلامه ومسلسلاته ومسرحياته القليلة جدا، لأن هذا موضوع يحتاج إلى دراسة وبحث وتنقيب في التاريخ الفني لهذا الفنان. وبطبيعة الحال، هناك من النقاد السينمائيين من انتقد في الفيسبوك عادل إمام كالناقد السينمائي المصري أمير العمري، وهذا من حقه كناقد، وتلك نظرته لعادل إمام، وقد كتبت في هذا الموضوع، ونشر في جريدة ” صدى تطوان ” الإلكترونية، إلا أنني سأحاول الآن في هذا الموضوع ترك الكلام لكل من المخرج المصري المعروف صلاح أبوسيف رحمة الله عليه وكيف كان ينظر لعادل إمام، وكذلك الأمر بالنسبة للناقد السينمائي المغربي فؤاد زويريق، وسأقدم ملاحظات حول الموضوع.
سبق للمخرج الراحل صلاح أبوسيف أن كتب مقالًا مهما عن عادل إمام ، وهي من الحالات النادرة التي يكتب مخرج عن فنان، ومما جاء في المقال الذي نشر في مجلة “الكواكب” المصرية أن ” هناك حالات نادرة في تاريخ الفن المصري لم يختلف اثنان على قيمتها وعظمتها، وأظن أن عادل إمام، وهو من هذه الحالات النادرة، على رأس قائمة الفنانين الذين نالوا قبولًا جماهيريًا، ولم يختلف اثنان على كونه فنانًا مبدعًا يمثل قيمة فنية مرموقة ليس في مصر فقط، وإنما على امتداد العالم العربي كله، بل في كثير من البلدان الأجنبية”.
من جانبه، كتب أخيرا الناقد السينمائي المغربي فؤاد زويريق على صفحته في الفيسبوك أنه لا يتفق مع كل أولئك الذين يصفون عادل إمام بالممثل الكوميدي، معتبرا أن عادل إمام “تعدى هذه الصفة بمراحل”، قائلا إن عادل إمام يمتلك ” أسلوب حياة أصبح يلازمنا كل يوم بحركاته وإفيهاته وتعابير وجهه، تشبعنا بروحه المرحة فأصبحت فكرة تسكننا، عادل إمام لا يترك لك الفرصة للتفكير فيه كممثل أبدع أم لا، بل تحتضن كل عمل شارك فيه وتستمتع بعبقريته في الحفاظ على عرشه، هو كالماء الناعم الشفاف البارد، تستحم بفنه وتتطهر بإبداعه، هناك أيقونات فنية تركها لنا مازالت تدهشنا الى الان رغم تكرار مشاهدتها عشرات المرات”.
كما اعتبر فؤاد زويريق عادل إمام فنانا استثنائيا مازال يتلاعب بالزمن.
وعلى صعيد آخر، كتب هذا الناقد السينمائي المغربي أن” عادل امام لا يشبه أحدا، فهو فنان تربع على عرش الفن من المحيط الى الخليج، الطفل يعرفه والكبير يعرفه وهنا تتجلى عبقريته، ساحر لا يخرج الأرانب من قبعته بل يخرج الفن من قلبه، لذا تجد فنه ممتلئا بالأحاسيس الصادقة، هو قريب منا نشعر به ويشعر بنا، مايسترو وعصاه ابداعه يلوح بها يمينا وشمالا فنحصل على سمفونيات متناسقة تضحكنا مرة وتبكينا مرة، الكوميديا في دمه والدراما في دمه أيضا، ومفتاح كل منهما الفن ولا شيء غير الفن” .
وختم فؤاد زويريق كلامه عن عادل إمام بالقول إن ” عادل امام مازال الى الآن يمنحنا جرعات من ماء الحياة، لا تهمنا علامات الاستفهام التي يضعها البعض أمام كل عمل يصنعه، ما يهمنا أنه هنا بيننا نستمتع بطلعته ونستظل بظلال فنه”.
والغريب في الأمر أن عادل إمام، بذكائه كفنان لايرد على من ينتقده أو يجامله، لأن مايهم الفنان من صنف عادل إمام هو الأعمال التي يقدمها. ثم، لاينبغي أن ننسى، وهذا مالايفهمه نقاد المهرجانات أن فنانا من حجم عادل إمام عندما يقدم فيلما أو مسرحية أو مسلسل فهو يقدم ذلك لمشاهدين/ متفرجين، وليس للنقاد وحدهم. لأن الفنان “يخطب ود” هؤلاء، ولايهمه من كتب عنه أو سيكتب عنه من النقاد، لأن هؤلاء النقاد لايستعملون في قراءاتهم سوى منتوجات تخيلاتهم.
لقد ذهب زمن النقد الذي يأتي فيه الناقد، في أي تخصص، ويقول لنا:” هذا جيد وهذا رديء”… وكأن هذا الناقد الذي يستعرض عضلاته نقده مقدس، أو كما يميز العملة النقدية المزيفة من الحقيقية، ويصدر أحكام قيمة. ليس على الناقدإلا أن يقول لنا” هذا فيه لذة، وهذا فيه متعة”. وتظل، مع ذلك كل قراءة أو نقد خاضعة لتأويل ما، والذي هو بلغة نيتشه: هوى.
وفي الختام، يمكنني القول إن ملاحظتي على مايقدمه عادل إمام من أعمال هو التكرار، أي أنه يكرر ذاته، ولايطور تجربته الفنية الممتدة في التاريخ الفني العربي، وهذا التكرار آفة فنية عند جميع من يشتغل في هذا الحقل الفني المركب، ثم، كذلك أنه حبس ذاته في المسلسلات التلفزيونية، لأنه من المرجح أن سنه لم يعد يسمح له بتقديم أعمال سينمائية ومسرحية، ومسرحياته، برغم تأثيراتها، قليلة جدا.