صدى تطوان
فرضت جائحة كورونا على المغرب كباقي دول المعمور الدخول في تدابير وقائية مختلفة، فكان الأساس منها هو الحفاظ على سلامة الإنسان المغربي وحفظ صحته قبل أن تتواصل سلسلة من الإجراءات حافظت على الحركية الإقتصادية في حدودها الدنيا أو المتوسطة، وهي إجراءات تتواصل إلى يومنا هذا بها عقب دخول المغرب المرحلة الثالثة من حالة الطوارئ الصحية والحجر الصحي، الذي من المقرر أن يرفع حتى 10 من يونيو، مما يعني، أن مدة الحجر الصحي ستصل أيامه 80 يوما، كل يوم يكلف مليار درهم، وهو رفع سيتأسس على التدرج أسوة بباقي الدول، التي تسير على هذا النهج.
قطاع التعليم ومنذ تطبيق حالة الطوارئ بالمغرب شد إليه أنظار شريحة كبيرة من المتدخلين وكيف لا و أكثر من 10 ملايين من التلاميذ والطلبة والأطر يرتبطون به، حيث ما أن أعلن عن تعليق الدراسة في النصف الثاني من شهر مارس، حتى دخلت المنظومة التربوية بالمغرب آفاقا قديمة/جديدة من خلال التعليم عن بعد، الذي هو جزء مشتق من التعليم الإلكتروني، وفي كلتا الحالتين، فإن المتعلم يتلقى المعلومات من مكان بعيد من المدرس، وعنه قال “دافيد جيمس كلارك” بأنه ينبني على استخدام الوسائل التكنولوجية لتوصيل المحتوى التعليمي وتنظيم وإدارة المتعلمين أثناء عملية تعليمهم وإخبار الطلاب في مجملهم، إذ يتم توصيل المحتوى والاتصال بالطالب في أوي وقت وفي أي مكان من خلال شبكة الاتصالات الدولية للأنترنت.
إن عملية التعليم عن بعد ساهمت في مواصلة التلاميذ والطلبة تحصيلهم المعرفي، وقطعت بذلك وزارة التربية الوطنية مع القائلين بسنة بيضاء، وعلى ذكر هذا الموضوع، فإن قطاع التعليم كان من أكبر القطاعات، التي لم تتوقف الأخبار الزائفة عن ملاحقته منذ تطبيق حالة الطوارئ الصحية بالمغرب…
في حقيقة الأمر، أن القرار كان صائبا ما دام أن الموسم الدراسي مكلف للجميع، و قطع أكثر من 70 في المائة من مدته الزمنية، وهي التي كانت حضورية لتعوض بالتعليم عن بعد بعد 16 مارس، التي تبقى نتائج تقييمه معلقة، لكن لا بد من القول إن هناك تباينا كبيرا في هذا النوع من الدراسة من الابتدائي إلى الجامعي مرورا بالإعدادي والثانوي، فعلى ضوء بعض الملاحظات فإن التعليم عن بعد كان أكثر نجاحا في مستواه الجامعي إذا ما قورن مع باقي المستويات الأخرى، حيث تتحدث بعض المعطيات عن أن نسبة نجاحه فاقت 70 في المائة، وهذا ما يزيد من نسبة أجرأته مستقبلا في الجامعات، ويساعد الدراسة الحضورية في تطوير المنظومة الجامعية المغربية ككل، فالتجربة عموما أبانت عن أهميتها، خاصة وأن بعض المؤسسات الجامعية كانت قد دخلت هذه التجربة ومع مؤسسات جامعية بكوريا الجنوبية منذ وقت ليس بالقصير، لكنها بقيت جد بطيئة إلى أن جاءت جائحة كورونا، وسارعت من وتيرتها، فكانت بمثابة رب ضارة نافعة لتعليمنا.
إن نسبة تجاوب المستويات الأخرى مع التعليم عن بعد سيكون أقل و ربما بكثير عن حجم التجاوب الجامعي مع التعليم عن بعد، رغم بعض الاجتهادات، التي لا يمكن تبخسيها من رجال التعليم، بل إن أصحابها يستحقون كل التقدير، إلا أنه بالمقابل تظهر بعض المعطيات أن تفاعل بعض المدرسين والمتمدرسين مع هذا النموذج التعليمي المستجد كان محصور جدا وظهرت، مواد وكأنها وقعت في حالة شرود، وفي هذا الشأن لايمكن تبرير عدم المشاركة فيها بقلة الإمكانيات للاستفادة من خدمة الشبكة العنكبوتية…ويبدو أن قرار الوزارة في حصر دروس امتحان نيل شهادة الباكالوريا في المقروء حضوريا يستحضر عددا من المعطيات، التي تكون قد أدت إلى حصر مواد الامتحان في المقروء الحضوري، وما تنزيل الامتحانات بهذا الشكل في الحقيقة إلا تكريس لمبدأ تكافؤ الفرص.
على أي إن أي مشروع لا يمكن أن ينجح من دون مشاركة وإرادة فعالة وعملية من الجميع لتجسيد المواطنة الحقة في أكبر تجلياتها، والتي يعول عليها كثيرا لبناء مغرب جديد ما بعد كورونا، لاسيما في قطاعين حيوين (الصحة والتعليم)، الذين أظهرا أنهما من الأسس الصلبة لبناء قاطرة جديدة للتنمية، وهذا بطبيعة الحال ما سيتضمنه المشروع التنموي الجديد للمغرب، ومن ثمة سيكون قطاع الصحة والتعليم من ضمن القطاعات الأكثر دعما واستثمارا فيهما.