“الترمضينة” تفقد خصوصيتها في زمن كورونا بمدن الشمال

عكس السنوات الماضية، التي سجلت فيها المدن الشمالية، خلال شهر رمضان، مستويات قياسية في معدلات الجريمة بمختلف أشكالها، التي تحدث في الغالب بسبب الضغط النفسي أو ما يعرف عند العامة بـ “الترمضينة”، وانخفضت هذه السنة، بشكل ملفت، نسبة الأعمال الإجرامية، التي تجاوزت في بعض الجرائم 60% مقارنة بالأعوام السابقة، بحسب مصدر أمني مسؤول.

وشهدت منطقة الشمال هذه السنة جرائم خرجت عن دائرتها المعتادة، إذ بعدما كنا نسمع بشكل شبه يومي عن ارتكاب جرائم قتل بدوافع تافهة، وكذا حوادث طريفة تتعلق بالسرقة أو النشل وسط الأسواق والقيساريات المزدحمة، أو نقف لمشاهدة معارك بين الباعة الجائلين تستعمل في بعضها السيوف والأسلحة البيضاء، أصبحت الجريمة اليوم، وطيلة هذا الشهر المبارك، تقتصر على جرائم الاتجار في المخدرات والنصب والاحتيال عن طريق المضاربة في بيع الكمامات ومواد التعقيم المزيفة، أو غيرها من جرائم العنف المنزلي والعائلي والجريمة الإلكترونية…

وجزم كل المتتبعين للشأن الأمني بطنجة، أن تراجع نسبة الجريمة بالجهة الشمالية يرجع بالأساس إلى حالة الطوارئ الصحية والحجر الإلزامي الذي فرضته الدولة للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد، وما صاحب ذلك من إغلاق للمقاهي والنوادي وصالات الألعاب، التي كانت تتحول، خلال الشهر الفضيل، إلى فضاءات لممارسة أعمال غير مشروعة حول موائد القمار والشيشة والمخدرات بمختلف أنواعها… إذ باتت تدخلات مصالح الأمن تقتصر في الغالب على مطاردة مروجي المخدرات والأقراص المخدرة وتحرير مخالفات في حق من ينتهكون إجراءات الحجر الصحي.

فمنذ بداية شهر رمضان الجاري، لم تسجيل مصالح الوقاية المدنية بعدد من مدن الشمال (تطوان العرائش القصر الكبير وزان…) أي تدخل لنقل جثث ضحايا الإجرام إلى المصلحة الجماعية لحفظ الأموات، أو نقل حالات خطيرة ناجمة عن الضرب والجرح، باستثناء حدوث ثلاثة جرائم قتل، إثنان منها وقعتا بمدينة طنجة وثالثة  بجماعة قروية بإقليم شفشاون، نتيجة خلافات بسيطة أسفرت عن وفاة ثلاثة شباب في مقتبل العمر.

 وكان قسم المستعجلات بالمستشفى الجهوي محمد الخامس بطنجة، استقبل في مناسبتين شابين  تعرضا للاعتداء بواسطة أسلحة بيضاء، الأول أصيب في رأسه والثاني في عنقه، ما تسبب لهما في زيف دموي داخلي لم تنفع معه كل المحاولات التي قام بها طاقم طبي لإسعافهما، ليفارقا الحياة متأثرين بجروح غائرة.

وبحسب معطيات البحث، الذي أنجزته عناصر الشرطة القضائية بمنطقة بني مكادة في طنجة، فان الجريمة الأولى ارتكبها شاب يبلغ من العمر 36 سنة، بعد أن دخل في شجار لفظي بسيط مع حارس ليلي، تطور لتشابك بالأيدي أقدم إثره الجاني على توجيه ضربة قوية للهالك بواسطة آلة حديدية أسقطته على الأرض، ليكون بذلك أول ضحية تسقط في هذا الشهر الفضيل.

الجريمة الثانية جرت أطوارها بحي مسنانة، الأربعاء الماضي، الذي تزامن مع ليلة القدر، وارتكبها بائع سمك لا يتعدى سنه 20 سنة، حين التقى بشخص تجمعه به عداوة قديمة، وقرر فض خلافاته معه وجها لوجه، حيث دخلا في عراك عنيف استخدمت فيه الأسلحة البيضاء ليوجه إثره الجاني للضحية طعنة قاتلة أصابته بعنقه وأسقطته على الأرض مضرجا في دمائه، قبل أن يغادر الجاني  مسرح الجريمة في اتجاه مجهول.

الجريمة الثالثة، وقعت في ثالث أيام رمضان، بأحد الدواوير التابعة لجماعة منصورة في إقليم شفشاون، وراح ضحيتها شاب ثلاثيني، بعد أن عمد الجاني إلى توجيه طعنات قاتلة بواسطة آلة حادة استقرته في بطن خصمه، ليسقطه على الأرض قبل أن يفارق الحياة بمكان الحادث.

ووفقا لما أوردته فعاليات جمعوية وحقوقية بالمنطقة، فإن شابين، اللذان تربطهما علاقة عمومة، دخلا في شجار بسيط بسبب خلافات عائلية، تطور إلى جريمة قتل، قبل أن تلتحق بالمكان عناصر الدرك الملكي، التي قامت باعتقال الجاني وإحالته على النيابة المختصة، فيما نقلت جثة الضحية إلى مستودع الأموات بمدينة شفشاون.

المختار الرمشي (الصباح)

Loading...