يوسف خليل السباعي
لم تكن أحلامي، التي أكتبها، وهي غزيرة، في “الشروق بريس الجديدة” إلا تخيلات، قد تظهر وتختفي، ولكن تأثيراتها باقية. ولهذا السبب لم تحترق هي الأخرى كما هو حال أرشيفي، لأنها راسخة في ذاكرتي الصحفية:
1- رأيت فيما يرى النائم امرأة بملامح دميمة تمزق بعصاب أرشيفي برمته: جرائدي، مقالاتي، مطبوعات، رواياتي وقصصي، وترجماتي، وترميها في الشارع.
وفي الظلمة، تأتي شاحنة كبيرة تقف عند باب المنزل، ينزل صاحبها ويحملها، برغم ثقلها، ثم يضعها في مؤخرة الشاحنة.
وعندما تتحرك الشاحنة يتحول أرشيفي إلى حجارة وزليج وزجاج.
2- رأيت فيما يرى النائم الكاتب الفرنسي رولان بارث، رفيقي الدائم، يدخن سيجارا كوبيا، وبشرب كأس ويسكي، ويلومني على أنني تركته وحيدا مع تلك المرأة، التي عذبته كثيرا، وفي غالب الأحيان، كانت تعتقله في حقيبة سوداء سمينة.
3- رأيتني أتجول في مقري جريدة “العلم” و”الشروق” بالرباط. أبحث فبهما عن أرشيفي، الذي حرقته امرأة، بلاوعي.
ولماعدت، بسرعة البرق، مررت على مقر جريدة “تمودة تطوان”، كان باب المقر مغلقا، وأرشيفي محتجز بالداخل.
ثم، وفي طرفة عين، جاء نسر وطار بي إلى الأعالي، ثم، رمى بي من فوق لأجد نفسي في “جزيرة مولاي بوسلهام” وقدامي على الرمال عبد الجبار السحيمي، عبد الكريم غلاب، رولان بارث، ووجوه أخرى من غير قسمات.
في هذه اللحظة، سقطت من حافة السرير، لأجد نفسي على أرضية الغرفة المضاءة.