كريمة الصقلي، الصوت الآسر

يوسف خليل السباعي

ستحضر عندي، ومن زمن بعيد، أيام عملي مراسلا صحفيا لجريدة “العلم” المطربة كريمة الصقلي، حيث سأجري معها حوارات صحفية، ليس حوارا واحدا، وستنشر في جريدة “العلم”. إن الحوارات الصحفية المضاعفة، ستذكرني أيضا بحوارات أجريتها مع كل من الكاتب المسرحي والدراماتورج يوسف الريحاني، الذي حظي عندي بنصيب الأسد، وعندما كان الشاعر والصحفي محمد بشكار يعدها للنشر، و هذا ماكان يميز أيضا محمد بشكار عن صحفيين آخرين، لأنه يعرف القيمة الفنية والثقافية للحوارات الصحفية ذات الطبيعة الفنية والثقافية، وكذلك الأمر لكل من الفنان التشكيلي محمد بوزباع، والفنان التشكيلي يوسف الحداد، إلا أن حواراتي الصحفية مع الفنانة والمطربة كريمة الصقلي سيكون لها لمعان حاد، لمعان فني وثقافي، فهي، أولا وقبل كل شيء فنانة حقيقية، تنتقي الأغاني التي أدتها كماهو حال أغاني اسمهان في البدايات، وتنتقي، بالتساوي، قصائد لشعراء كبار، ومعروفين، كماهوحال ابن عربي، وهي لاتنزل إلى حضيض الأغاني الهابطة، ولاتنتقي كلمات الأغاني إلا بمهارة، وذوق فني رفيع.

إن كريمة الصقلي ليست مغنية، ولامؤدية، ولكنها مطربة وفنانة مثقفة، ومبدعة في مجالها الفني الأكثر خلوصا. إن صوتها آسر، عميق، مطرب، يخترق بسمو أحاسيسنا، وكياننا، وهذا الصوت يقوم بعملية الغزل حيث كل حرف في موضعه، يصعد من حنجرة ذهبية، وكل كلمة سهم يصيب القلب، وكل جملة تحلق بنا في سماء زرقاء، وكل حركة ونظرة هي كاللمسة. والأهم أن الموسيقار، والفنان والملحن وعازف العود سعيد الشرايبي، الذي كان لي معه حوار صحفي خاص بجريدة” العلم” على هامش مهرجان العود بتطوان خلال تكريمه، كان له أحد الأدوار في نجاح كريمة الصقلي التي التقيت بها أكثر من مرة خلال فعاليات مهرجان العود في الزمن المفقود.

Loading...