يوسف خليل السباعي
وجهت نبيلة منيب عبر صفحتها الشخصية في الفيسبوك كلمة إلى متابعيها، ذكرت فيها أن ” الكثير من التعاليق حول الفيديوهات المنشورة بالصفحة، تقول ان كلامنا سينمحي بمجرد دخولنا للحكومة، ولأن هذه التعاليق كثيرة، وهي تعبير عن نوع من يقظة الشباب المغربي، ورفضه لحربائية الاحزاب السياسية والشخصيات القيادية فيها، التي تغير من خطابها وسلوكها قبل وبعد المشاركة في الحكومة أو المناصب العليا بالدولة” واعتبرت أنه من واجبها لتوضيح هذا الأمر بخصوص شخصي وخصوصا الحزب الذي تكون أمينته العامة عموما، الحزب الاشتراكي الموحد، فإنها تعيد نشر مقتطف من وثيقة الحزب الذي تمت المصادقة عليها في المؤتمر الاخير:
نص الوثيقة
✓✓المشاركة وعدم المشاركة في الحكومة.
الأصل أن الأحزاب السياسية لا تكتفي بعرض برامجها والدفاع عن أفكارها واختياراتها، بل تصنع ذلك من أجل المشاركة في الحكومات لتطبيق برامجها، لأن الأحزاب ليست أندية فكرية أو مراكز للأبحاث. ولكن، في الحالة المغربية، يُلاَحَظُ أن هذه المشاركة لا تُمَكِّنُ الأحزاب من الأدوات التي تسمح لها بحكم البلاد وإدخال برامجها حيز التطبيق.
هناك ما يشبه “برنامج الدولة القار” الذي لا يتأثر برياح الانتخابات أو بإرادة الناخبين، ولهذا يجب التأكيد على أن المشاركة في الحكومة ليست مجدية إلا إذا جاءت في سياق تغيير شامل يُوَفِّرُ شروط نجاح الانتقال الديمقراطي.
المشاركة الحكومية التي تتجاهل برنامج الانتقال الديمقراطي هي مشاركة تقبل بالمزيد من تعليق وتأجيل الانتقال في انتظار ما سيحمله المستقبل، وهي أشبه بعملية انتحارية وقبول بالأمر الواقع واستسلام له.
المشاركة في الحكومة، إذن، بالنسبة إلينا، لا تتعلق، فقط، بعدد المقاعد النيابية التي نحصل عليها؛ بل تتعلق، أولاً وقبل كل شيء، بتدشين مسلسل انتقالي يُتَوَّجُ باستيفاء مقومات البناء الديمقراطي.
هذا المسلسل لا يمكن أن يكون مجرد شعار أو لافتة، أو رغبة ذاتية للمشاركين وحدهم، بل يتعين أن يُبنى على أرضية صلبة –يفرضها ميزان قوى جديد- وتترجم وجود إرادة سياسية للانتقال لدى الأطراف الأساسية للعبة.
هذه الإرادة السياسية لا تُستنتج من مجرد قبول الآخر بمشاركتنا، إنها تتمثل في التزام واضح بتبعات واضحة، لا يترك لأي طرف فرصة اللعب على الغموض من أجل التحلل من واجبات إنجاز مهام الانتقال وتنفيذ متطلباته.
الأحزاب السياسية التي شاركت في الحكومات المغربية، تتصرف كما لو أن مشاركتها “عادية”، جاءت في سياق “عادي”، وفي بلد أكمل انتقاله الديمقراطي، وحَلَّ جميع مشاكل هذا الانتقال، بينما الواقع غير ذلك.
أية مشاركة حكومية، اليوم، ستكون مُطَوَّقَةً بواجبين اثنين :
واجب السهر على تطبيق برنامج الانتقال الديمقراطي، وفقًا لدستور الملكية البرلمانية (مهمة تأسيسية).
واجب السهر على تطبيق برنامج الحكومة لمعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المطروحة، كأية حكومة في بلد ديمقراطي ولكن بما يتلاءم مع اقتضاءات سيرورة الانتقال الديمقراطي الجارية، وطبيعة تشكيلتها “الانتقالية” الخاصة (مهمة تدبيرية).
المشاركة بدون إنجاز المهمة الأولى ليست مشاركة حكومية فعلية، بل هي مشاركة في التطبيع مع وضع قائم لا علاقة له بالديمقراطية، وقبول بقواعد اللعب المخزنية، وهي ستكون هجينة وصورية وفاقدة للمعنى، لأن تطبيق أي برنامج حكومي هو رهين بتوفر وسائل تطبيق البرنامج، وهي الوسائل التي لا تتوفر إلا في سيرورة انتقال ديمقراطي حقيقي.
إن خلافنا الأساسي مع الأحزاب “التاريخية”، التي لعبت في الماضي أدواراً أساسية في مواجهة الاستبداد، هو حول طبيعة علاقتها الحالية بالنظام وحول مشاركتها في الحكومة. لقد تَحَوَّلَتْ هذه المشاركة، لديها، إلى غاية في حد ذاتها، فهي تشارك من أجل المشاركة وتتعامل معها كمناسبة لتحصيل مكتسبات ذاتية وتوزيع غنيمة المقاعد. يمكن أن تترتب، عن هذه المشاركة، بعض التحسنات المحدودة في الأوضاع، ولكنها، في النهاية، لا تستطيع تجاوز كونها مشاركة إسمية في الحكومة وليس في الحكم.
تتطلب المشاركة الحكومية توفر العناصر التالية :
¶ التزام الملكية الواضح بقبول الانخراط في مسلسل الانتقال إلى الديمقراطية التي تعني احتياز المُنْتَخَبِين لسلطة التقرير ووضع خيارات البلاد وبرامجها وربط المسؤولية بالمحاسبة على كل المستويات.
¶ توفر دستور الملكية البرلمانية الذي يخول الحكومة وسائل تطبيق برنامجها، ويخلص الحياة المؤسسية المغربية من الازدواجيات التي تؤدي إلى حالة من عدم تحديد المسؤوليات وغموضها.
¶ إفراز الانتخابات لأغلبية مستقلة عن “جهاز الدولة” وذات تمثل حقيقي للخيار الديمقراطي.
¶ حصول انتخابات مُؤَسِّسَةٍ، حرة ونزيهة، متحررة من التدخل الإداري، وبعيدة عن وسائل الغش والتدليس وشراء الأصوات، ومتميزة بمشاركة الأطراف الأساسية في اللعبة السياسية وبموافقتها على مساطرها وإجراءاتها.
وفي جميع الأحوال، فإن أية مشاركة لحزبنا في الحكومة يتعين، من الناحية التنظيمية، أن تجري بناء على قرار يُتَّخَذُ في مؤتمر استثنائي خاص بذلك.