بقلم : حنان الخميسي
كلنا نعلم أن جائحة covid-19 هي جائحة عالمية أصابت مختلف دول العالم بدءا من الصين في شهر ديسمبر منتقلة بسرعة البرق لدول الإتحاد الأوروبي وصولا إلى الوطن العربي وتحديدا المغرب و الذي كما نعلم كان سباقا في أخد آحتياطاته الإحترازية آخدا العبرة من مجموعة من الدول التي تعاملت مع الفيروس باستهتار أو عدم تصديق ربما إن صح القول .
إن موقف المغرب كدولة اتجاه الخطر المحدق والعدو الذي لا يرى بالعين المجردة المتربص بأرواح شعبها كان ثقيلا ووازنا بحيث أنه في وقت وجيز آستطاعت أن تقلل نوعا ما من آحتماليات الإصابة والراجع طبعا للإستراتيجية المتبعة من أجل التعامل مع هذا الفيروس المستجد.
إن المجتمع المغربي كأي مجتمع له خصوصياته الخاصة وركائزه الطبيعية التي تميز كل مجتمع عن الأخر والذي كان واعيا و مسؤولا طوال مدة الحجر الصحي إلا قلة قليلة طبعا التي تعاملت مع الأمر بنوع من الاستهتار لا بأرواحها ولا بأرواح أقربائها و جموع المحيطين بها.
يرى اليوم أن سلوكيات الأفراد أصبحت مدروسة، الخوف من فيروس مجهول المصدر يؤرق ليلهم ونهارهم بشكل ملحوظ ، تغير جذري في تصرفاتهم و سلوكاتهم يجعلنا أمام تساؤل جدي حول ما إذا كان تأثير هذا الخوف في نفوس الساكنة سيساهم بشكل أو بآخر في تغيير سلوك المجتمع المغربي ككل ما بعد الكورونا؟.
في الواقع هناك العديد ممن يؤيدون هذا الطرح ظنا منهم أن العديد من السلوكات السلبية ستختفي وسيكون هناك تصالح مع مجموعة من القيم كالمواطنة التضامن التكافل وغيرها من القيم السامية الحميدة التي ترسخت أكثر وأكثر في نفوس المواطنين في ظل الظرفية الراهنة، لكن هذا الطرح من منظور البعض الآخر لا يزال شيئا غير ممكن إطلاقا مبررين أن ما نعيشه اليوم ليس إلا ظرفية آستثنائية ستطوى وستقتطع من تاريخ المجتمع المغربي لأن تغير مجتمع بكامله ذو تاريخ متجدر و قواعد قوية في مدة وجيزة ليس سهلا و يستحيل معه التحقيق.
إن هذا التغيير لا يمكن ان يتحقق كما يظن البعض إلا إن بدأنا بتطبيق بعض الأمور الأساسية والضرورية. مراقبة القنوات وحذف البرامج ذات المحتوى اللاأخلاقي وغير الهادف، محاربة الريع وتخصيص مبالغ مالية لمحاربة الفقر والهشاشة ودور الصفيح (السكن العشوائي) وحذف تعدد رواتب المسؤولين في المؤسسات، فرض التعليم على الجميع لمحاربة الجهل والأمية من أجل شعب مثقف وواعي، تشجيع البحث العلمي وتأطير العقول النيرة في مختلف المجالات، التركيز على البرامج التوعوية والثقافية وكذا المحاضرات الهادفة بعيدا عن محتويات التفاهة. في النهاية كل هذا فيه مصلحة للمواطن المغربي وسيرفع مستواه الفكري لأنه وإن لم يبدأ التغيير من القعر إلى السطح كل ما تعلمه الأفراد في هاته الظرفية سيحكم عليه بالنسيان ويدفن داخل صناديق الذاكرة ونظل في نهاية المطاف نحن كما نحن ولا شيء يذكر.