يوسف خليل السباعي
ماكان يميز إدارة جريدة “العلم” في ذلك الوقت البعيد، هو أن كل صحفي كانت (تحشره) في صفحة أو صفحات هو المسؤول عنها، على المستوى التحريري، وفي علائقه وروابطه بالمراسلين الصحفيين الذين عليهم أن (ينحشروا) في صفحات بعينها.
وكانت في ” العلم” صفحة ” من كل الآفاق”، صفحة ذات طابع غرائبي، لاتصلح إلا للغرائبيين، وكان يشرف عليها صديقنا مصطفى حيران الصحفي المعروف بجرأته في التحرير والكتابة.
كنت أنشر كذلك في هذه الصفحة، وكان ينشر معنا رشيد نيني، صاحب “المساء”، فيما مضى، و” الأخبار” الآن، و”قناة ” تيلي ماروك”. فرشيد نيني بدأ في ” العلم” كتاباته الصحفية. وكان حيران لبقا، ومتسامحا، ولم ألتقي به إلا في الملتقى السينمائي بتطوان، حيث غطينا صحفيا دورة من دورات الملتقى، وهو رجل واضح وصارم، لكنه كما قلت لبق بلا رياء ( نفاق). وكان اللقاء في فندق سفير ( أنظر الصورة) المهدم، الآن، والمهمل، والمتروك لعوامل الدهر، وكان معنا ممثل أجنبي، وهذا ما بقيت محتفظا به الذاكرة.
ولكن على الرغم من أن ” العلم” لم تحتفظ بأبنائها القدامى، والذين خلقوا من رحمها، وأنا واحد منهم، ، ذلك أن ” العلم” هي الأم والمدرسة، وعلى الرغم من الخلافات، فإن ” العلم” صدر عطوف، إلا من شيء واحد، إذا خرجت منه، يمكن للصحفيين أن يتنفسوا الهواء النقي، هذا الشيء هو الحزبية.
من جانب آخر، وأنا أتصفح الفيسبوك كعادتي دائما، وجدتني أتأمل بدقة صورة نشرها بوشعيب الدبار كذكرى له بمقر اتحاد كتاب المغرب بمدينة الرباط، في ذلك الوقت، يظهر فيها مصطفى حيران، وأعتقد أن الصورة تعبر عن مكانة هذا الصحفي المرموق الذي حفر طريقه الصحفي والإعلامي من صخرة ” العلم”، حيث كان “الاتحاد…” كما كتب ” يوم كان يموج بالحركة والنشاط والأمسيات والنقاشات الثقافية والفنية، التي تسائل المشهد الثقافي والفني بالبلاد، وتحتفي بالمبدعين المغاربة”.
والصورة، حسب بوشعيب، من إحدى الندوات، وقد التقطت يوم الخميس 14 أكتوبر 1999، ويبدو فيها من اليمين إلى اليسار : الصحفي مصطفى حيران، والكاتب والشاعر والروائي محمود عبد الغني، والفنان العربي الصبان، رسام الكاريكاتير آنذاك في صحيفة “العلم”، والشاعر محمد عزيز الحصيني، كما كتب بوشعيب محبر هذه السطور والذي كان حاضرا.
وفي الختام، وعلى لسانه، أقول: “سقى الله تلك الأيام…”.
ولنتذكر كل شيء أو بعض الشيء من كل الآفاق!