في الرينكون!

يوسف خليل السباعي

هذا الصباح. استفقت باكرا.
أنا الآن ٱمام البحر!
إنه هادئ مثلي، لكنه يحمل في ٱحشائه بركانا من الغضب.
كان البحر يكلمني، بهدوء. لم أعهده من قبل.

كنت فيما مضي أمشي أمامه ولا يكلمني. مالذي حدث الآن!؟…

فكرت: كأن البحر يعلم بما أخفيه في أغوار صدري.
كلمني البحر، وقال لي: لاتقلق، أنا مثلك. أكتم غضبي ولا أظهره إلا في أوقات، أغدو فيها غريبا أو مجنونا.

كانت ملامح البحر غريبة، كأنه خرج من معركة أو حرب، لكنه مع ذلك كان هادئا، وحائرا. وهذه الحيرة، من أين تنبثق. إنها تنبثق من تغيار الزمن، ورياء البشر!

غريب أنت أيها البحر، وغامض حد الإختلاف، مرة تتحول إلى غزالة، ومرة أخري إلى أسد!

قال لي البحر: إنتظرني، سأخرج من الماء، وأتحول بين يديك إلي تراب، وسيتساقط التراب من بين أصابعك، وقد تأتي الريح ويتلطخ ملبسك بوسخ التراب وتمزق ملبسك بيديك، وتغدو آدم بلاجنة، ولكنك لن تلامس الماء. لأنني أنا الماء. ولن تصل إلي إلا بعد أن تنظر إلى أغوار نفسك.

وبعد برهة. نظرت إلى أغوار نفسي، فلم أعثر علي، وكان البحر قد اندثر.

وإلى الآن لم أعثر على نفسي. وكان بي عطش شديد، ولكن أين هو الماء.

وحدها الصحراء تتراءى الآن أمامي، وغزالة وحيدة. ورمال متحركة!

Loading...