يوسف خليل السباعي
عندما لايستمع مغني متورط في قضية لنصائح محامي صلب وقوي، فإن موقفه يصبح ضعيفا، ولهذا فإن المغني يتصور أن له جمهور سيدافع عنه. القضاء القوي لايعرف مثل هذه الترهات!
إننا نعرف أن ارتباط بعض المغنيين والمغنيات والممثلين والممثلات، على سبيل الوهم أو التوهم، بالجمهور، وما يسمى بالشهرة، هو ارتباط يشتغل، جوهريا، في تلك الطبقة العميقة والخفية. التي هي العقل الباطن عند كل واحد منهم أو واحدة منهن، أي في ذلك الليل المعتم، الذي لايخرج إلا في الأحلام، والذي هو اللاشعور (أنظر فرويد ولاكان)، وهو نوع من الوهم والتوهم يعيشونه بلا دراية، فلاجمهور هناك، ولن يكون حين تبرز القضايا في المحاكم، هنا يختفي الجمهور وتقع الفؤوس على رؤوس المغنيين والمغنيات والممثلين والممثلات، ولا وجود إلا للفراغ. إن الجمهور يستبدل، ويغير، ويغربل، بل وينتقد، ولكن أولئك المحبوسين على ذمة قضايا، أو لهم السراح المؤقت، يبقون معزولين، غائبين.
أين هو الجمهور؟!… أين هي الشهرة؟!…
لاشيء!
وعندئذ ينسى الجمهور هؤلاء… ويندثر كل شيء.
ماذا يبقى من هؤلاء… أرشيفهم!
إن الأرشيف محكوم عليه بالموت!
والتاريخ لايرحم!
أما العمل، كل عمل فني أو غير فني، هو قابل للنقد.
لنعد إلى المغني الذي لايسمع، ولايفهم في القوانين.
إنه يظل في مأزق، ولكن المحامي قد يغدو، في يوم من الأيام، وزيرا للعدل هناك كما هو حال المدرس الذي قد يغدو هو الآخر وزيرا للعدل هنا.
وفي هناك وهنا قد تكون المسافة خيط دخان، أوتكون ثقافة وخبرة ونقد قوي وممارسة، وليست حزبية ضيقة!
وفي هذا يكمن الفرق!