أزمة كورونا تكشف ضعف الفاعل السياسي في صنع المبادرة واتخاذ القرار

بقلم :حنان الخميسي

ماهو دور الفاعل السياسي في ظل هذه الظرفية الإستثنائية التي يعيشها المغرب ؟سؤال واضح و صريح يمكننا أن نبتدأ به هذا المقال. لكن للإجابة عن هذا السؤال علينا طرح سؤال ثاني ألا وهو أين يتجلى دوره من الأساس و ماهو ؟

بالنظر للوسط المجتمعي نستطيع القول انه أصبح يعرف افتقارا للممارسة السياسية الحزبية الحقة وتخاذلا مباشرا فيما يتعلق بالترافع عن القضايا الشائكة والتفرغ لقضايا الزيف و التفاهة لكن طبعا ليس على سبيل التعميم.

إن ما يحز في النفس أن هذا الوضع لم يرتبط بظهور فيروس كورونا المستجد بل كان موجودا منذ مدة و مع الأسف هذا ما يبرر لنا آنسحاب الفاعل السياسي من الساحة و ممارسته للسياسة بطريقة غير مباشرة مخفية خلف غطاء الفاعل المدني أو فاعل الخير و التي أسقطت الكثيرين في خطر التحايل على المواطنين بغرض إخفائهم خلفياتهم وحقيقة آنتمائهم.

فهل يعقل إذن للفاعل السياسي أن يحشر نفسه في الزاوية و ينسحب؟

في الحقيقة هذه المحاولات اليائسة من طرف الفاعل السياسي هي عائق أمام الممارسة السياسية ببلادنا فالسياسي اليوم لا يبحث أبدا عن التجديد من ذاخل حقل آشتغاله بل يقوم بالبحث عن أماكن شاغرة له في ميادين أخرى متقمصا الدور بشكل رهيب و مقنع مواريا الذوافع الحقيقية وراء سلوكه الإجتماعي.

ظاهرة “القفة” المنتشرة في مجتمعنا المغربي والتي يعود فضل انتشارها لأحزاب نسوا وظائفهم الأساسية وزاحموا المؤسسات الموكول لها القيام بهكذا مهام مما أدى لآنكسار صورة الفاعل السياسي في نظر المواطن شيئا فشيئا، لأن الغاية من وجود هذا الأخير في الساحة ليس إسكات الأفواه وإشباع البطون الجائعة وآستغلال ظروفهم الصعبة والفقر الذي يعيشون فيه لدوافع شخصية ولا هي تربية المواطن على الخمول والتكاسل. بل تتجلى في إيقاض حماس المواطنين وتوجيه تفكيرهم نحو مستقبل مشرق والذي يحتاج فقط لجرعة زائدة من الأمل وجرعة ثانية من الإرادة العزم والرغبة وكذا إيجاد بدائل كي لا يحتاج المواطن لمساعدة غذائية لا تكفيه حتى لأيام قليلة.

هكذا يجب أن تكون صورة الفاعل السياسي في نظر المواطن وليس ذلك الذي يفتقر حتى لجرأة الدفاع عن ممارسة جديدة تقطع الوصل مع الممارسة الكلاسيكية المتهالكة. بحيث يجب علينا التفرقة فورا بين العمل السياسي والمدني و ذلك بحث الافراذ على الاختيار إما أن يكونوا فاعلين سياسيين حقيقيين أو أن ينسحبوا بهدوء.

لقد لاحظنا في هذه الأزمة صمتا مستفزا وغيابا غير مبرر للفاعل السياسي في ظل هذه الأزمة مما ترك لنا حرية آستباق الأحكام والتعود على سيرورة الأمور من تلقاء نفسها كما لو انها ليست بحاجته في حين أنه من المفروض أن يتواجد في الساحة و يسهر على راحة المواطنين من ذاخل المكان الذي يشغله.

مع الأسف هذا التقاعس في أداء الوظيفة هو مازحزح ثقة المواطن وغيب يقينه التام في الممارسة السياسية عامة والفاعل السياسي خاصة كما نسمع على لسان الكثيرين “بحال كان بحال ماكان.. ماينفع مايضر أصلا”

عندما نتحدث عن الفاعل السياسي فيما بيننا يتخيل لنا أنهم أبطال هذا المجتمع جملة وتفصيلا يؤطرون ويؤثرون وكذلك ينظمون الشأن العام. يتخيل لنا أنهم السباقون للمبادرة وآبتكار الأفكار لكن سرعان ما نصطدم بواقع مرير فقد فيه هذا الأخير مصداقيته وأدواره وكذلك آحترام المواطن وتقديره.

نحن اليوم عزيزي القارئ(ة) بحاجة ماسة لأن نقلص الهوة الموجودة بين السياسة والمواطن وهذا لن يحصل إلا بآمتلاك الفاعل السياسي الإرادة والشجاعة لإعادة النظر في ممارسته السياسية وكذا استرجاع هويته المفقودة ذاتيا وعمليا.

Loading...