بقلم: عائشة بلحاج
في الضجّة المثارة حول التحرّش في الوسط الثقافي العربي، أزعجتني بعض ردود الفعل، ودفاعها عن المتحرشين، مع أنّ أي شخص موضوعي يعرف أن المتحرش يمكن أن يكون إنسانا نحترمه أو ننزهه. وأي مدافع عنه -لأنه “لا يمكن أن يفعلها”- أن ينتبه إلى أنّ دفاعه يُساهم في تغطية جريمة مقيتة.
بما أنّ الحياة علمتنا أن كل شيء ممكن، وأنّ أكثر الناس إظهارا للوقار والاحترام، قد يكون الأكثر إجراما تحت ذلك المظهر، الذي يُسوّق للعموم. وحدهم ضحاياه يعرفون وجهه الحقيقي.
لذا إذا قالت امرأة إن فلانا تحرّش بها، فيجب أن نفكر مرات ونخجل من الدفاع عن المتهم، حتى لو كان يظهر لنا بالغ الاحترام. فمن تجربة الحياة في مجتمعاتنا المريضة بالتحرش، نعرف جيدا أن القلة القليلة وحدها من تترفّع عنه. وكم نهرنا أساتذة وجيرانا وزملاء وأقارب وأصدقاء كنا نظنهم محترمين قبل أن يكسروا جدار الاحترام المزيف.
أتضامن مع كلّ امرأة في مجتمعاتنا، لأنّها حتما عاشت وتعيش كوابيس التحرش، ولا تستطيع الحديث عن ذلك، لأنّ المرأة المحترمة بنظر المجتمع لن تتعرض للتحرش، وإذا تحدثت تصبح هي المُتهمة، ويتم النّبش في تاريخها وملابسها وسلوكها كأنها هي المذنبة.