يوسف خليل السباعي
العبس ليس إلا كلمة. ولاشيء يمنعني من أن أستعمل كلمة أخرى توضح أكثر كلمة العبس، وأعني الغضب.
لأعد إلى العبس، إنه يظهر بالأساس في تجاعيد الجبهة، تلك التي توجد في الوجه، بين الرأس الذي يغلفه الشعر، والأنف، والفم، والواقع، أن هناك أنوف كثيرة، وأفواه كثيرة، وأفواه جائعة، وأخرى شبعانة، لنقل، مثلا، رئيس جماعة لم يكن يمتلك شيئا. كان جائعا، ثم، بعد ما صعد “إنتخابيا” على أكتاف الآخرين، وبركلة بارقة، صار من أكبر الأغنياء، أي شبعانا، وهناك أمثلة عديدة في هذا الباب.
لكن أن يوجد العبس أكثر، إنه في العيون. أهم عضو في الوجه. إن العيون لاتنظر فقط، وإنما تحفر في ماضي الشخص وحاضره، ولما لا مستقبله، إذا استطاعت إلى ذلك سبيلا. يتأكد العبس أكثر في العيون، وهي التي تفضح الشخص، أكثر من الجبهة، والأنف، والفم.
لأنتقل إلى الغضب، وهو العامل النفساني الملازم للشخص، أي شخص، والذي ينبجس عن عصاب، وهذا العصاب ليس إلا” الارتياع الفزع من قاع المستحيل” كما يقول جورج باطاي.
الغضب هو سبب كل النزاعات، وهو خصم للاختلاف، فأن يكون الشخص غاضبا، وليس عابسا، فقط، معناه أنه يرفض الاختلاف، والحوار.إن الغضب يجعل من الشخص وحشا كاسرا، ويصنفه كحيوان أو بهيمة، ويدفعه إلى ارتكاب الحماقات والجرائم، وكل الأقوال والأفعال السيئة، حيث يغدو دائما ناقصا، بلا عقل، وبلاضمير.
إن العبس ساكن، والغضب متحرك، وهذا هو الفرق بينهما!