بيت العنكبوت: الحرية

يوسف خليل السباعي

أسال الكثير من الفلاسفة والمفكرين والشعراء والكتاب والفنانين الحبر على مفهوم الحرية، كحق إنساني. وفي رأيي الشخصي، لا يمكن للإنسان في أي مجتمع من المجتمعات أن يعيش من غير حرية، وإلا أصبح مثله مثل القطيع، يسير بطريقة امتثالية. يقال إن الحرية “إحساس طبيعي لدى الإنسان، وهي أصل وجوده، فحق الإنسان في الحرية كحقه في الحياة. كما أن الحرية تتنافى مع كل مظاهر القمع والاستغلال والاستعباد. تعني الحرية أيضا القدرة على الفعل والتفكير والاختيار، لهذا فهي تعتبر حق غير قابل للمساومة أو التفويت”.

كذلك، أولى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أهمية بالغة لمبدأ الحرية، حيث خصص بنوده الأولى لتأكيد هذه الأهمية مع ربطها بمبدأ المساواة والكرامة، مؤكدا على الحق في الحياة وحرية السفر والفكر وحرية الرأي والتعبير. والحالة هذه، كلما كان المجتمع متفتحا، ديمقراطيا، وحداثيا، إلا ويسمح فيه بممارسة الحرية في أشكالها المتعددة. أما في المجتمعات المنغلقة على نفسها تصبح الحرية مقيدة، محصورة، مراقبة، وممقوتة. هنا أطرح سؤالا جوهريا: لماذا تخشى الطبقة الحاكمة من الحرية؟ لأن الحرية ” حق حياتي”، و”اختيار”. سؤال آخر: لماذا يريد الآخر أن يسلبني حريتي؟ هذا ما يختمر في ذهن صاحبي، لكنه لا يرد، يكتفي فقط بالصمت، ويمارس حريته بالطريقة التي تحلو له.

كنت دائما أغار من العصفورة التي تحط على شباك نافذة غرفة نومي. كانت تزقزق، وتضحك ساخرة مني، وتقول لي: ” إنها (…) تريد أن تقيدك، أن تقتلك وأنت حي كي لا تنعم بالحرية”. فأفكر، وأقول لها: ” لا يمكن لي أن أعيش من غير حرية، اطمئني، حبيبتي، لن أكون حمارا”.

تطير العصفورة، فأخرج من غرفة نومي لأستنشق هواء الحرية.

Loading...