مصطفى بودغية
سبع نخلات باسقات..تمد رأسها في شموخ نحو السماء.. وفي خشوع نحو مصدر الماء والأنوار.. لكنها أيضا تتسرب جذورها عميقا في الأرض بحثا عن الماء الذي تجود به السماء.. من باطن الأرض تستمد قوتها.. ليرتفع جذعها عاليا في الفضاء..
تنزوي النخلات بسعفها وثمارها في الأعالي.. غير مكترثة بلغط البشر وضجيجه في الأسفل..مشمئزة من حروبه الدامية الدائمة وتجاهله المزمن لطبيعته العابرة الفانية..حتى ولو بنى البشر ديارهم قربها..تظل في علوها ساخرة من ادعائهم ملكية الأرض..وهي الراسخة بجذورها التي تتغذى من رفات الأدعياء السالفين الذين عبروا جماعات جماعات..تم هلكوا وذابوا رفاتا في أديم هذه الأرض التي تملك كل شيء ولا يملكها أحد..
ترتفع النخلات في الفضاء.. تعانق وجه السماء.. تمنع بني البشر من أن يتذوقوا ثمارها دون جهد.. عليهم أن يشمروا عن أدرعهم وسيقانهم كي يتسلقوا قامتها الفارعة..وأن يجهدوا كي يحظوا بثمارها..عليهم أن يرتفعوا كما ارتفعت كي تحنو عليهم وتمنحهم ثمارها بسخاء.. حتى “مريم” المنهكة والحبلى بوصايا الله كانت لها حكاية مع النخلة..تلك الحكاية التي تومئ وتشير إلى أن النخل لا يحب المتقاعسين…..
الصورة: إنجاز إبداعي للفنان الصديق مرزوق بنعلي….Marzouk Benali