يوسف خليل السباعي
الإشكالية الحقيقية في العملية الانتخابية عندنا في المغرب ليست في القاسم الانتخابي، ولا في غيره، وإنما بالأساس في كيفية تشكيل اللوائح الانتخابية، وفي تصميمها.
كما أن الإشكالية، أيضا، في عامل الثقة في العمل الحزبي والسياسي برمته الذي يمارس من خلال سلوكات وأفعال بهلوانية، وتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، واعتبار المواطنين أداة للتصويت فقط، وليسوا مشاركين حقيقيين في العملية الإنتخابية، وفتح النقاش الجماعي حولها.
وإذا كانت البرامج الانتخابية متشابهة، إلا في بعض التفصيلات، فإنها ليست إلا متكررة، وليست إلا لواحق العملية الانتخابية، ولاتعكس الصورة الحقيقية للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المنهارة، ولا حقيقة الأحزاب السياسية.
إن القضية لاتتعلق بالتصويت أو عدم التصويت، وإنما بانعدام التواصل وفشله، وبسوء فهم لكيفية تدبير العملية الانتخابية في مناخ تسوده الديمقراطية والنزاهة (بالمعنى العميق للكلمة)، والتركيز على الانتماء الفعال للوطن، واعتبار الوطن قيمة كبرى، بالتفاني في خدمته، والتضحية من أجله.
إن العمل السياسي والانتخابي كذلك لايتمثل في تعميم الخطابات الإيديولوجية، ولا التسابق على الكراسي، وتزيين الأوجه القبيحة، المكشوفة، لأن كل شيء تفضحه الإنترنت اليوم، ولم يعد الأمر مستورا، ولا الصراع بين الأطراف المتحزبة خفيا، وإنما بخلق عقلية سياسية وانتخابية جديدة، فاعلة، تعرف كيف تحقق التنمية الجديدة، والاستثمار في الإنسان، الذي يعاني من القهر والجهل والفقر والمرض والتهميش والضياع ليكون إنسانا يعيش بكرامة في دولة العدل والإنصاف والحق والمساواة.
إن النقاش في العملية الانتخابية اليوم لاينبغي أن ينحصر في توزيعات طبقية محدودة، وإنما أن ينفتح على أولئك الذي لاصوت لهم، ومع ذلك يصوتون!