أسعد الجبوري
ميلادُ لزمن الشِعر في الحداثة وفي الاختلاف وفي الزلزلة. برجُ نار في فضاءات العتمة والظلام والسكون والتلعثم. أدونيس الفتوةُ التي شقت جبين الشيخوخة المتحجرة وشيخوخة العقل النائم في مدافن الأسلاف. أدونيس هو أيضاً مجموعة ألغام في الذهن المُسَطح والفكر الثابت وفي العروة الوثقى للآمال التي لا تنمو بالتربة ارتفاعاً سوى بضع سنتمترات، بعدها تُشيّع لمقابر التاريخ.
أدونيس عمرٌ ليس من قماش ولا من حديد ولا من بسكويت أو من عطر رخيص، هو عمرٌ تفاعلي مع فيزياء الوقت وجلال اللغة، حيث تتفتح الأزاهير على أبواب الجحيم والجنة معاً.
هو القارئ في كتب العميان وفي مباني الأوثان الساكنة والمتحركة وتلك التي تستغرق جلّ ساعات حياتها في السبات وتدخين الأراكيل.
أدونيس الشيطانُ الرجيمُ الذي استطاع بناء ممالكه من اللعنات والمدائح. من المرضى العقليين ومن لمبّات المصابيح على طول الشارع العربي الفائض بالظلام والترهل والأمية وخُدام مستوطنات الربيع الأعمى بعمامة السلطان العثماني وتوابعه.
أدونيس ليس من قَوْم العِلِّيُّون .إنما هو الطَّابَقِ الْعُلْوِيِّ لزمن الثقافة المتحررة من القيد الديني وروزنامة الطوائف التي تحدّ نعالها الكثيرون.
أدونيس كتبَ وقرأ وأقتحمَ وأزعجَ وشاغبَ وفاضَ بما يخالف الأديان والأحزاب والثورات والديناصورات والمنازل العقلية، ولم يستسلم للتقاعد في ساعة اليد أو لساعة الجدار.
سلاماً للتسعين من أعوام حروبك على مختلف الجبهات.
وسلاماً لأدونيس بروتين الدّيالكتيك الذي يهزّ شجرة الوجود لتسّاقط سيوفاً ومصابيح وزجاجات نبيذ وحباً لا ينمو في حقولهِ غير ورد المعرفة.
90 عاماً لا تكفي لاعادة حرث العقول يا صديقي أدونيس، أو إلى تنظيف خزائن الأنفس من القمل الأحمر.