ذلك الكتاب

غادة الصنهاجي

إذا كنت تنظر جيدا إلى السماء فلن تفاجئك الأمطار..هناك في الأعلى من يصنع كلّ شيء بوضوح.
حاولت أن أتفادى ذلك الكتاب قدر الإمكان، أخفيته، علّني أنسى موضوعه وموضعه، لكنّ الذاكرة ترفض التغييب الإرادي، وإنها لحاسمة في هذا.
المهم، قد أقرأه بطريقة أخرى، أخفّ ضررا. إن كتابا مغلقا أقدر على القتل من كتاب مفتوح.
ثم إنها لمغامرة لا تخلو من عواقب، عدا أنني أعاقب كلما سطرت على جملة، الجمل المفهومة وغير المفهومة، إنها سيان، خارج النسق، تمرّدت على الكاتب وبعده القارئ، وما لبثت تدّعي أنها دعائم الكتاب، ولولاها لسقط.
أحذفها من عقلي إذا شئتُ، وكلما شئت، فهناك كلمات لا يجب أن تقال أو تقرأ، ليس لأنها كاذبة، إنما لأن المتعامل معها ينقصه الصدق.
عن تشجيع النفس كنت أبحث، لا يمكن أن أتوقّف الآن عن ذلك، وإن توقّعت أن أتوقّف من حيث لا أحسب.
مَن وضع لهذا الكتاب أبوابا أغفلَ الممرات والأدراج وحتى المصاعد، باب جديد يفتح في نهاية كل باب إلى أن تخرج، ويتطلّب الفتح جيوشا عتيدة قادرة على تولّي الحملات وقيادتها. المعارك ضارية، واذا استعصى التقدّم، أتقهقر..وهذا ما يقع على الأرجح.
بخطوات سريعة واثقة كان يمشي البطّ على سطحها، وإن تجمّدت البحيرة لا يمكن للبطّ أن يكون واجفاً وهو يتقن العوم، ولا ضير في أن يذوب الصقيع ويغدو الماء نابضا بالشروغ. وأنا أغالب طبيعتي البرمائية، كادت البحيرة أن تصبح ذلك الكتاب.
يقول كاتب مجهول في عبارة لم يكتبها بعد: “إنّ أفكاري تحوم ولا تحطّ”.

Loading...