يوسف خليل السباعي
في السنوات الماضية وقع تحول في معرض عيد الكتاب، إذ تم تنقيله من ساحة الفدان بالقرب من عمارة الطير بشارع محمد الخامس بتطوان إلى باب العقلة، وهكذا لابد من حمل الكتب والكتبيين إلى خيم باب العقلة حتى يترنح الكتاب ويتمايل ويتراقص على النغمات الموسيقية والغنائية الشعبوية والمختلطة لقصر الزهور، وقصر الورود، وليس بعيدا عن قصر البديع، ولامفر من أن يصبح عيد الكتاب عرسا، و تجتمع عليه النكافة والجوق والطريطور و كل المنظمين للعرس، ولكن الكتاب المسكين، في عيده، صابر، لاينطق، ولأنه محشور في الخيم، وهو حزين، لأنه اقتلع عنوة من مكان إلى مكان آخر. وأنا الصحفي واقف داخل الخيم، وأتأمل في الكتب والكتبيين، والزائرين، وأصور، فلاشيء قد أفعله الآن سوى التقاط الصور.
وعلى مقربة من خيم باب العقلة، يجتمع قطاع من النخب المثقفة، التي ستقبض مبلغا ماليا زهيدا، بعد الإدلاء ببطاقة التعريف الوطنية من القيمين على الثقافة، بعد أن يقدموا قراءاتهم في الكتب، ولكن العيد ليس إلا تقليد، وتكرار في كل سنة.
من قبل شب حريق في خيمة كتب، وكتبت: شب حريق في عيد الكتاب!… وماحدث قد حدث: أطفال متشردين أشعلوا النار وهربوا، ولكن، مع ذلك، الكتب المسكينة في العيد ظلت صامدة. واستمر عيد الكتاب، ولكن داخل الخيم، وفي مرة، دفعوا به إلى مرآب السيارات عند ” حمادي”، ولم يعد أحد يفرق بين مرآب الكتاب ومرآب السيارات، والكتاب في عيده، والكتب في عيدها، تبكي، ولا أحد يحس بها، لأنها لاتتكلم، ولكنها صابرة، مركونة، وظل الحال على ما هو عليه، والكتاب في عيده يتجول، ويترحل من مكان إلى مكان إلى أن جاءت الرابطة و جعلته يستقر داخل خيمة الفدان المنسوخ، ولكن ماحدث كان كارثة، ومات الشاعر والروائي محسن أخريف مغدورا بصعقة كهربائية بسبب سوء التنظيم.
مات محسن، وبقي الكتاب بلا عيد. وهاهو ينتظر ماذا سيفعل به (عمالقة) الثقافة والإبداع في مدينة تطوان السعيدة!