العنف رائحة الجيفة…

يوسف خليل السباعي

لايوجد بتاتا ما يمكن تسميته بالعنف الشرعي أو العنف غير الشرعي، وبالتالي، فإن هذه القضية التي يتم إثارتها على العموم في وسائل التواصل الاجتماعي لاارتباط لها باللباس المدني أو الأمني بوجه عام.

إن العنف واحد، وحينما يصدر عن جهاز ما فهو عنف لايمكن أن نضفي عليه الشرعية، وأن نقدسه، ونرفعه إلى الأعالي.

إن العنف كالسلطة متعدد كالشياطين، وهو له أذيال ورؤوس،حيث لايأتي بالأمر، فقط، وإنما عن طريق استعمال أولا الأدوية، وهذه الأخيرة تتجسد في الهراوة تحديدا، أو في بعض الأحيان، في المسدس وأسلحة أكبر، لكن هذه الأداة لاتستعمل إلا في أوقات الاشتداد، كما أن العنف قد يستعمل بأعضاء الجسد، على أساس أن الجسد هنا مشبع ب”تغول” السلطة ( بمعناها المضاعف) كما هو الحال، وفي جانب معين، مع الاعتداء الذي تعرض له الاستاذ المتعاقد في مظاهرة الرباط على يد عون السلطة المعتقل الآن: من خلال الضرب بالرجل، والركل.

وهكذا، يغدو الجسد التابع للسلطة وال”متغول” جسد أخرق، يستعمل شططا بوعي، متعود عليه، وكان مسموحا به من قبل، في الخفاء والجلاء، وليس بأمر، لأن الأمر هو جاهز بله ثابت، ووظيفي، حيث أن عون السلطة تابع ولكنه لاينفذ الأمر، وإنما يجسده كما لوأنه عادي؛ إن عون السلطة يتخيل أنه محمي، ولهذا، مسموح له بال”تغول”! ولكنه، أيضا، لايدرك، برغم الشطط والتجاوز والغطرسة، الذي مارسه من قبل ويمارسه، أنه سيتعرض للاعتقال والمساءلة والمحاسبة، وستوجه له تهم من طرف النيابة العامة. إنه لايعي أن القانون سيطبق عليه، لأنه يتخيل نفسه محمي، وهو السلطة على الأرض!.. إنه، في الحقيقة، يعرف أنه غبي وأخرق، وأن جسده أداة فقط في يد السلطة التي ينظمها وتخدمه لوقت ما وهو جزء منها مادام قبل منذ الأول بالوظيفة. إنه لم يعي أبدا، لمستواه التعليمي والتثقيفي الضعيف للغاية، أن السلطة تدمر حتى أصحابها، وأنه ليس إلا جسدها- أداتها. بل، بالأحرى، لايعي أن السلطة كالريح، وكالنار، وأنه ليس إلا فأرا ستدفنه الريح ذاتها بنفس منها، وستحرقه النار بلهبها المتقد.

إذا كان الأستاذ المتعاقد قد تلقى ركلة من البوليسي بلباس “مخزني” قبل أن يتلقى الضربة الوحشية من طرف عون السلطة حسب تتابع صور الفيديو، فإن كلتا الضربتان عنف، سواء أكانتا بلباس مدني أو غير مدني.

إن العنف، في كل الأحوال، هو رائحة الجيفة…

Loading...