كيف نقرأ الرواية!

يوسف خليل السباعي

يعتقد بعض القراء لرواية ما أن قراءة الرواية من البداية للنهاية ستمكنهم من استيعاب الرواية برمتها. وهذا خطأ يقع فيه ليس القراء فقط، بل حتى النقاد.

إن الرواية سواء قصر حجمها الورقي أو امتد، في غضون القراءة، لا يمكن استيعابها بتاتا. لماذا؟!… لأن الرواية لاتستدعي التقرير أو التعيين عبر أسلوب الكاتب الذي يتوارى عن الأنظار، ولايحضر إلا كجسد، ولأن الرواية ترتكز على التضمين أو الإيحاء، أو لنقل التلميح ( كل روايات فرانز كافكا تتضمن التلميح).

إن الكاتب يختفي ويظهر كثعلب محمد زفزاف، ولكنه يمنح للسارد والشخوص (الكائنات الورقية) والأصوات المتعددة الحضور الكتابي في الرواية. وهكذا يغدو الأمر أكثر تعقيدا. و يعقده أكثر لعبة الضمائر التي تستخدم في الرواية. إن هذه الضمائر تتغذى من التخييل الذاتي في صياغة الفكرة أو الأفكار، وهي التي تصنع التناقض والصراع والاختلاف والرؤى، ومن الأسلوب بالمعنى الذي حدده رولان بارت.

هل سيقرأ أحد الرواية برمتها؟!… آه… هناك من يفعل ذلك. إن الأمر يتعلق بفخ يضعه الكاتب- الجسد للقارئ أو القراء، مع أنه لايعرفهم. إن القارئ أو الناقد وهناك فرق بينهما لا ينبغي أن يقرأ الرواية فقط بشكل خطي مستقيم، وإنما أن يقفز على الصفحات.

أما الناقد فمن واجبه أن يفككك أجزائها ليس بالبحث عن المحتوى والفكرة، وإنما بالبحث عن العلامات. وهذه العلامات هي التي تجمع بين الدوال والمدلولات، ففي صلب كل رواية ثمة علامات، وهذه العلامات تتمظهر في الشكل المسؤول للرواية.

Loading...