حكاية الفنانة التشكيلية لمياء مريم سكيرج مع النمل

يوسف خليل السباعي

إنه وجه الفنانة التشكيلية لمياء مريم سكيرج التي أنجزت في المجال التشكيلي لوحات تبعث على الدهشة والمتعة والابتكار.

ولدت هذه الفنانة كما كتبت عنها صفحة “الفن أولا Art First” في سان أنطونيو، تكساس، لأم فرنسية وأب مغربي، تلقت لمياء تدريباً فنياً في “أكاديمية باريس الأمريكية” و “كلية مور للفنون والتصميم” في فيلادلفيا.

تخرجت أيضًا في الهندسة المعمارية الداخلية، وانضمت إلى شركة معمارية في باريس ثم الرباط. ثم ترأست لعدة سنوات قسم الإبتكار والتصميم في وزارة الصناعة التقليدية. منذ ذلك الحين، كما كتبت صفحة “الفن أولا Art First”، كرست نفسها فقط لتدريبها وتكوينها الأول: الرسم. وبعودة إلى الماضي، يعود معرض لمياء مريم سكيرج الفردي الأول إلى عام 1995.

لكن ماهي قصة هذه الفنانة مع النمل التي تقول إنها مخلوقات تشبهنا؟!…
بدأت حكاية الرسامة المغربية المعروفة لمياء مريم سكيرج مع النمل كما أوردت ذلك ” الشرق الأوسط”، عندما ” اجتاحت هذه المخلوقات الصغيرة بيتها وانتشرت في بعض أركانه، وبما أن وجود النمل في البيت مزعج جدا لنا معشر النساء لأننا نرفض أن يحشر أنفه في شؤوننا، لا سيما في المطبخ، فقد قررت سكيرج أن تتخلص منه بشتى الوسائل وطرده من بيتها باستعمال المبيدات الكيماوية وحتى الوصفات الطبيعية، بيد أنها فشلت في ذلك.

 

وبعد مدة انتقلت هذه الحشرات السوداء التي لا تتوقف عن الحركة إلى العيش داخل لوحات فنية خصصت لها معرضا بالكامل بعنوان بالفرنسية «لي فورمي» (النمل)، برواق فان دوك في الرباط”. وبالطبع، فإن هذا المعرض “أثار فضولي فالتقيت بالرسامة لأكتشف أن معاناتها مع النمل في البيت هي نفسها معاناتي ومعاناة الكثير من النساء، بين الفينة والأخرى، والفرق هو أني لم ولن أفكر في رسمها”.

تقول سكيرج لـ«الشرق الأوسط»: “بعد فشلي في القضاء على النمل في البيت بدأت أراقبه وهو يتحرك في صفوف طويلة على الجدران وفي الزوايا، فاكتشفت أنه يشبه الإنسان كثيرا، فنحن مثل النمل نتحرك ونسير في كل الاتجاهات وحياتنا تسير وفق نظام منضبط”.

انبهرت لمياء بهذه المخلوقات بعد مراقبتها فألفتها، وأحبتها. وتقول في هذا الصدد: “بعد مدة من مراقبتي للنمل، قررت أن أرسم (نملتي)، وهي نملة من وحي الخيال رسمتها بأجنحة طويلة وبدت مثل أنثى، ثم توالت الأفكار واللوحات ولا أفكر حاليا في التوقف عن رسم النمل، لأنه معروف عني كلما اخترت موضوعا معينا للوحاتي لا انتهي منه إلا بعد سنوات”.

تضيف لمياء مريم سكيرج أن في معرضها المخصص للنمل لم ” تغير الموضوع فقط، بل أيضا أدوات وتقنية الرسم، فبدل الصباغة استخدمت الرسم بالحبر الصيني الأسود، كما استعملت الورق بدل القماش. رسمت لمياء النمل في أشكال وأحجام مختلفة بشكل فردي وجماعي وبخلفيات على شكل رسومات هندسية، وكأنها أرادت أن تنقل لنا في استعارة مجازية عالم هذه المخلوقات المجهرية التي بدأت تراها قريبة إلى عالم الإنسان بشكل عام، وعالم النساء بشكل خاص، لأن الحديث عن النملات يجري دائما بصيغة المؤنث”.

في إحدى لوحاتها رسمت “بورتريه” نملة “يشبه وجه إنسان بعيون بارزة تنظر إلينا بذهول، وفي لوحة أخرى تحولت صفوف النمل إلى خطوط كتبت بها عبارة «تألمت فتعلمت فتغيرت»، سألتها أن كانت هذه العبارة جاءت على لسان إحدى نملاتها، فضحكت وردت أن تلك الجملة عبرت بها عن حالة خاصة كانت قد عاشتها فدونتها في لوحة ولم تكن تنوي عرضها”. وسألتها أيضا أن كانت ما زالت تستضيف النمل في بيتها، فأجابت بأن ” أعداده قلت بكثير عن السابق، لكن ما زال في غرفتها الخاصة صف من النمل تراقبه وهو يأتي ويذهب من دون ملل لأنه لم يعد يزعجها “فنحن نعيش مع بعض”.

وما يثير الدهشة أكثر أن لمياء مريم سكيرج رسمت أول لوحة في سن الثالثة عشرة من عمرها، وبعد حصولها على البكالوريا (الثانوية العامة) درست الفنون الجميلة بالأكاديمية الأميركية لفنون باريس، كما درست الهندسة الداخلية بنفس الأكاديمية، ومنذ 1991 أقامت عدة معارض فردية وجماعية بالمغرب وخارجه، لا سيما في باريس وإيطاليا.

Loading...