أوراق المجانين _ الحلقة 20 والأخيرة: عندما يصبح المجنون عاقلا والطبيب مجنونا!

يوسف خليل السباعي

ربما، سيستغرب مجموعة من الناس/ القراء/ من قصة هذه الحلقة من أوراق المجانين، التي أختم بها اليوم هذه الأوراق!

عاش هذا المجنون الذي أصبح عاقلا في قرية جبلية. كان في البداية يرعى الأغنام، ويتروى اخضرار الطبيعة، وعظمة الجبال، والوديان.

وذات ليلة طلب منه والده أن يذهب عند عبد السلام (ك) ليقبض منه المال الذي كان سلفة، مر على الوادي، وهو يتمشى، فرأى نورا مشعا يصعد منه، فوقف في مكانه، منذهلا، من عظمة النور المشع الذي بدأ يتطاول حتى غدا عصا غليظة نزلت على رأسه، فسقط…

منذ ذلك الوقت، لم يعرف ما جرى له، بدأ يقوم بحركات المجانين، ويتفوه بكلام معوج، ومنحرف، وساقط، وفي بعض الأحيان، كان يضرب رأسه مع الحائط، ويصرخ، بل يحاول الهرب من البيت والتيهان.

وعندما رآه والده على ذاك الحال، ربطه بحبل غليظ، ثم، بعد سماعه لنصائح عبد السلام ك وبعض أقاربه، تم اقتياد المجنون، وهو مربوط بالحبل الغليظ إلى مستشفى الأمراض العقلية لأجل العلاج.

عندما شاهده الطبيب، أمر بفك الحبل، وبدأ في علاجه، ارتعب، فالمجنون ليس به شيء. لقد روى له ماجرى…؛ اندهش الطبيب لذلك، وقال له: من الأكيد أن أحدهم ضربك بعصا وهرب، ثم ضحك. وقال له: سأوقع، اليوم، على خروجك من المستشفى، فأنت سليم العقل، والمجنون هو من جاء بك إلى هنا.

في تلك اللحظة، كان المجنون العاقل ينظر إلى ملبس الطبيب الأبيض، فتذكر للتو ذلك النور المشع؛ حينئذ، وبعجلة دفع الطبيب بيديه، فسقط على كرسي حديدي، وغاب عن الوجود.

بعد هذه الحادثة الغريبة، شوهد الطبيب مجنونا يمشي حافيا في الشارع، وشعره مشعث، وهو يصرخ في وجه الخلق، كما شوهد وهو يتفوه بكلام أخرق، ومنحرف، وساقط، وفي بعض الأحيان، غير منطقي، وغير مفهوم، بينما عاد المجنون إلى قريته الجبلية سليم العقل.

انتهت في 1 فبراير 2021

Loading...