صدى تطوان
انطلاق الحملة الانتخابية لاستحقاقات التشريعية لانتخاب أعضاء مجلس النواب وأعضاء مجالس الجماعية والجهوية ل 8 شتنبر 2021، سيدفعنا لتبسيط بعض المفاهيم المرتبطة بالعملية الانتخابية، والتي سنتطرق لها من خلال مجموعة من الحلقات.
إن المتتبعين للحقل السياسي والمطلعين على خباياه يعلمون جيدا ماذا نقصد بأن: “سنة 2021 سنة انتخابية بامتياز”، وذلك نظرا لاقتران الانتخابات التشريعية لانتخاب أعضاء مجلس النواب، التي تمتد ولايتها الانتدابية لمدة خمس سنوات (آخر انتخابات تشريعية نُظمت سنة 2016)، مع انتخاب مندوبي الأجراء وممثلي اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء “اللجان الثنائية”، بالإضافة لانتخاب أعضاء الغرف المهنية (كل من غرف الفلاحة، والصيد البحري، والصناعة التقليدية، والتجارة والصناعة والخدمات)، فضلا عن انتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية (الجماعية والجهوية ومجالس العمالات والأقاليم) وأعضاء مجلس المستشارين، التي تمتد ولايتها الانتدابية لست سنوات (آخرها أُجريت سنة 2015)، وبالتالي فإن مثل هذه التجربة الانتخابية التي ستصادف إعادة انتخاب جميع المجالس المنتخبة في السنة ذاتها، لن تتكرر إلا في أفق سنة 2051 أي “بعد 30 سنة من الآن”.
إن الكثير من المواطنين البسطاء الغير المطلعين على أسرار السياسة وعوالمها، يتساءلون في كثير من الأحيان عن، كيف يحصل أعضاء مجلس المستشارين على صفته الانتدابية؟ أو بصيغة أدق من ينتخبهم؟ وما الفرق بين طريقة انتخابهم وطريقة انتخاب أعضاء مجلس النواب؟ الإجابة على هذا السؤال تفرض علينا التطرق لمفهومين أساسيين هما ما يعرف بمفهوم الاقتراع العام المباشر (Scrutin direct) والاقتراع الغير مباشر (Scrutin indirect)، ومفهوم الهيئة الناخبة أو المجمع الانتخابي (ِCollège électoral).
بداية يجب التطرق إلى مفهوم الاقتراع المباشر والاقتراع الغير مباشر، فبالنسبة للاقتراع المباشر عندما يختار الناخبون ممثليهم بصورة مباشرة (أمثلة ذلك: أعضاء المجالس الجماعية ومجالس الجهات ومجلس النواب والغرف ومندوبي الأجراء وممثلي اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء)، ومن أهم مزايا هذه الطريقة في الاقتراع أنها هي الأقرب للديمقراطية، حيث يتيح للمواطنين اختيار حكامهم بأنفسهم وترفع شعورهم بالمسؤولية، وتؤدي إلى تنمية وعيهم السياسي؛ أما بخصوص الاقتراع الغير مباشر فهو عندما يقتصر دور الناخبين على اختيار مندوبين يتولون مهمة الاختيار نيابة عنهم (مجالس العمالات والأقاليم ومجلس المستشارين)، ومن مزاياه التخفيف من حدة مساوئ الاقتراع المباشر، لأنه يجعل اختيار المنتخبين في أيدي فئة مختارة من المندوبين تكون أكثر إدراكا للمسؤولية وأوسع خبرة بالشؤون السياسية. فضلا على أنه يساعد على التقليل من حدة المعارك الانتخابية ويقلّل وطأة الأحزاب السياسية، وذلك لأن الهيئة أقل تأثراً بالأهواء السياسية من ناخبي الدرجة الأولى التي تمثل كافة هيئة الناخبين؛ أما بخصوص عيوب الاقتراع الغير مباشر إن قلة عدد المندوبين في الانتخاب غير المباشر ربما يسهل التأثير عليهم من جانب الحكومة أو المرشحين سواء بالترغيب أو بالترهيب، فضلا عن أن هذا النظام يُطيل مدة الانتخابات ويعقدها. في الموضوع المقبل سيتم التطرق للهيئة أو الهيئات الناخبة.