لحظة مع الكاتب محمد شكري

يوسف خليل السباعي

في حوار معه من الزمن الفائت صرح الكاتب الراحل محمد شكري لأحد الصحفيين في حوار معه أن” كل كتابة هي إعادة صياغة للواقع المعاش”.

إن هذه الجملة غير مكتملة، وأن من سيقرأها سيظن أنها مكتملة. والسؤال هو: هل بالفعل قال محمد شكري هذه الجملة؟… لأحدد السؤال: ألم يكن الصحفي كتبها من عنده ونسبها إلى محمد شكري حتى يجعل منه كاتبا واقعيا!؟… لنزد سؤالا آخر: هل كان محمد شكري كاتبا واقعيا!؟…

بعيدا عن أثره الأدبي الكلي، لنقف عند ثلاثيته” الخبز الحافي”، ” زمن الأخطاء” و” وجوه”، أين يمكن تصنيفها، هل هي روايات أم سيرة ذاتية ثلاثية منقسمة!؟…لم يكن محمد شكري إلا كاتب رواية كما هو حال كتاب آخرين جمعتهم مرحلة الستينات فما بعدها، وأذكر منهم: محمد زفزاف، إدريس الخوري، محمد عز الدين التازي، وآخرين. لكن ما يميز محمد شكري هو شهرته العالمية من خلال ” الخبز الحافي” التي إذا قرأتها في الوقت الراهن لن تكون إلا رواية مسلم بها، ولا تخدش الحياء. لقد نظر إلى هذه الرواية على أنها جنسية، فضائحية، وأنها غير أخلاقية بمفهوم محدد للأخلاقي. لم يتم التعامل معها كونها رواية تخييلية ذاتية، وإنما وقائع حدثت بالفعل، في حين أن الروائي لايعيد صياغة الواقع المعاش، ولا يحدد الواقع، لأن الواقع الحقيقي هو مالايمكن القبض عليه، لأنه ينفلت كالزئبق، أو لأحدد هو كالماء الذي يتسرب بين الأصابع.

لقد كانت “الخبز الحافي” بعلامة سياج له، ولم ينظر إليه إلا كاتبا لهذه الرواية التخييلية الذاتية، مع أنه كتب روايات وقصصا أخرى، وتعتبر ” زمن الأخطاء” و”وجوه” من أهم ما كتب هذا المبدع، الذي استطاع أن يمتلك أسلوبه الخاص في كتابة الرواية.

هل هذه الجملة قالها محمد شكري فعلا!؟… إن كتاباته شيء مختلف، ولكنه علامة على مرحلة لن تتكرر.

Loading...