يوسف خليل السباعي- الصورة بريشة الفنان محمد الخو
بخصوص حادثة الطفل ريان الذي سقط في بئر بمنطقة بضواحي شفشاون نجم عن ذلك وفاته، كتب الروائي هشام مشبال:
” الخلاصة أنك حين تذهب للمستشفى لا تجد الطبيب، وحين تقصد أي مؤسسة لا بد أن تذهب وتعود مرات عديدة، وحين يقع طفل في حفرة تشكل خلية من طوبوغراف ورجال درك وحفار آبار وباستعمال حبل وعود دفلى وكاميرا وحاسوب مهترئين”. وأضاف قائلا:” علينا أن نتعلم الدرس، أن الكوارث تتكرر، وأن الدول الحقيقية لا تنتظر الفرج، بل تسعى إلى الحلول العملية التي تبنى على العلم وإمكاناته اللامحدودة. صحيح حفرنا جبلا لننقذ طفلا، لكن خمسة أيام لا يمكن أن يتحملها طفل صغير في حفرة صغيرة وشعب متعب في حفرة كبيرة”.
وفي مقال بعنوان “رحل ريان تاركا رسائل”، كتب الصحفي جمال سماحي:” أماطت حادثة سقوط الطفل ريان اللثام عن مجموعة من الإشكالات التي وجب على من بيدهم الأمر التفكير في مخرجات لها وحلها تفاديا لتكرر فواجع أخرى مثل هذه:
أولا، معاناة أهل البوادي من شح الماء، يضطرهم لحفر آبار أو بناء أحواض اصطناعية، وهذا هو أصل المشكل الذي كان ريان ضحيته، فكم من طفل غادرنا غرقا في أحواض مائية أو آبار محفورة بشكل عشوائي دون أن نلحظ رحيله عنا حتى كشفت حادثة ريان هذه المأساة. ثانيا، البادية تشكل المجال الأوسع في جغرافية المغرب، ورغم ذلك، تعاني التهميش، وتغيب عنها شروط الحياة الكريمة، نظرا لغياب المرافق العمومية الأساسية، وافتقادها للبنى التحتية، ولا تستفيد إلا من فتات البرامج التنموية، وعليه وجب إعادة النظر في أسلوب التعامل مع البادية المغربية، وطبيعة البرامج التنموية الموجهة إليها، لأن هذا الجانب عادة ما يكون السبب الأساسي في الكوارث التي تحدث (حوادث غرق، حوادث سقوط، حوادث سير، وفاة الحوامل أثناء نقلهن للمراكز الصحية…). ثالثا، أهل البادية لازال فيهم الخير، والطيبة والكرم خصلتهم، فلا يبدون من الأحاسيس إلا ما يشعرون بها فعلا، في وقت نجد أن النفاق والإرتزاق أصبحا ينتشران كالنار في الهشيم بين أهل الحاضرة(المدينة)، وأضحت الجوانب المادية تطغى على حياتهم، إذ أن الإنسان يبيع أخاه الإنسان بكل بساطة ويسر، بل ويتاجر في مآسيه دون أن يرف له جفن، وطبعا أهل الخير موجودون دائما في كل الأماكن. رابعا، الإعلام سيف ذو حدين، فإن أسيئ استعمال آلياته ووسائطه، استحال إلى أداة هدم ودمار لذلك وجب على السلطات التعامل بحزم مع كل مخالف لمبادئه السامية، وللقوانين المنظمة له، ولقيمه الأخلاقية، كما يجب الضرب بيد من حديد على أصحاب الغثاء، الدخلاء على المجال، العابثين بقيمه، من ذوي الصفحات الصفراء، والقنوات الحمراء… ولعل ما حصل في واقعة ريان رحمة الله عليه، لخير دليل على ما سبق قوله. خامسا، هناك أمور كثيرة تجمع الناس في هذه الحياة، فيما النزر القليل ما يفرقنا، فعلينا الالتفات لما يقوي لحمتنا ويكشف إنسانيتنا، ويجعلنا الكبنيان المرصوص، ففي نهاية المطاف مصيرنا جميعا الفناء، وعند ربك يجتمع الخصوم. سادسا، مهما خططنا، ومهما استقوينا، ومهما تحالفنا واجتمعنا لتنفيذ أمر، أو إبعاد همّ، أو تحقيق حلم، فإننا نريد ونريد، لكن الله يفعل في النهاية ما يريد، جاء في الحديث النبوي : “لو اجتمعت الإنس والجن على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، ولو اجتمعت الإنس والجن على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، رفعت الأقلام وجفت الصحف”، فيما كتبت الشاعرة والروائية والناقدة سعاد الناصر معزية: ” إنا لله وإنا إليه راجعون، ستظل يا ريان حيا في قلب الانسانية جمعاء، لأنك أحييت بعض القيم الكونية فينا، وأريتنا أن المحبة والوحدة هي الأصل فينا، و أننا نستطيع زعزعة الجبال ان أردنا”. وأضافت قائلة: ” رحمك الله وأحسن عزاءنا فيك. تعالوا نكمل زحزحة جبال الأنانية والاحباط والتواكل والظلم والفساد من ذواتنا، كي يشق اطفالنا طريقهم نحو الأمل، ويجني شبابنا من خيرات الوطن.. الى جنة الخلد يا ريان بعد أن أحييت الإنسان فينا”.