هذه تفاصيل عن التاريخ الحقيقي لنادي أتلتيكو تطوان الإسباني

عن موقع هسبريس -عبد العزيز الطريبق؛ نشر الجمعة 11 فبراير 2022

كثر الحديث، مؤخرا، عن استعداد فريق المغرب التطواني لإحياء ما يسمى بـ”مئوية” تأسيسه. وكان بالإمكان اعتبار الأمر غير مهم، والاهتمام بأشياء أخرى؛ لكن تاريخ الفريق هو جزء من تاريخ المدينة، والاحتفال بمئوية غير موجودة هو تحريف لهذا التاريخ والمس بنضال بسيط قام به شبان مغاربة (ولن أقول وطنيين حتى لا أزعج من يزدري جهد هؤلاء الشباب إلى درجة وصفهم بـ”وطنيين دباطاطا”) أواخر العشرينيات من القرن الماضي لتأكيد صحوة الفرد المغربي المستعمر.

تطرقت، في الجزء الأول من هذا المقال، لتصحيح كذبة كون ملعب سانية الرمل بني سنة 1913 من طرف “المهندس ماركيس دي فاريلا”… في الجزء الثاني، سأتطرق للتاريخ الحقيقي لنادي أتلتيكو تطوان الإسباني.

الجزء الثاني

نادي أتلتيكو تطوان الإسباني (12 مارس 1933- 10 يوليوز 1956)

لنبدأ بتاريخ نادي أتلتيكو تطوان الإسباني الذي أرخ له الإسباني تطواني المولد خوليو باريس أراغونيس، ابن الإسباني تطواني المولد خوليو باريس لوبيس، آخر رئيس لنادي أتلتيكو تطوان الإسباني والذي تحمل مسؤولية رئاسة الفريق منذ سنة 1946 وإلى غاية انتقاله إلى مدينة سبتة سنة 1956 (بعد استقلال المغرب).

يعني أن باريس الأب (وهو من مواليد تطوان سنة 1918، توفي يوم 2 مايو من سنة 1993 وخصته جريدة “إلبايس” الإسبانية بمقال نعته فيه بتاريخ 5 مايو من السنة ذاتها) قضى أكثر من 10 سنوات على رأس الفريق (من أصل 23 سنة من حياة النادي) وقاده من البطولة الجهوية إلى القسم الأول من الليغا، ثم حافظ له على مكانته في القسم الثاني من الليغا إلى غاية انتقال الفريق إلى سبتة (وقد لعب الفريق الدوري التأهيلي للصعود مرتين اثنتين خسرهما أمام منافسين أقوياء). باريس الابن جمع كل المعطيات اللازمة لكتابة تاريخ أتلتيكو تطوان، في كتاب (نشر سنة 1997) يستحق الترجمة إلى اللغة العربية بالنظر إلى ما فيه من تفاصيل تتعلق ليس فقط بكرة القدم، بل ببعض المظاهر من حياة مدينة تطوان أيام الحماية (شخصيات وإحصائيات ومؤسسات تجارية…). ويأتي علينا الآن من يقفز على ما كتبه باريس دون أن يقدم ولو حجة واحدة تفند ما عرضه في كتابه الكثيف من تاريخ، وهو التاريخ المعتمد رسميا بإسبانيا لنادي أتلتيكو تطوان الإسباني.

تحدث خوليو باريس الابن عن تاريخ انطلاق الكرة بتطوان بعد الدخول الإسباني إلى المدينة سنة 1913، بحيث تشكلت بعض الفرق “العابرة” من العسكر وكانت تحل بانتقال الفيالق المعنية لمناطق أخرى من الشمال، إلى أن تشكلت بعض الفرق الإسبانية سنة 1917، “الإسباني-المغربي” و”تطوان سبور” و”السبورتينغ” و”لا ديبورتيفا إسبانيا”. وعرفت سنة 1918 محاولة للاندماج في فريق واحد أسموه نادي الأتلتيك ما بين فرق “الإسباني-المغربي” و”نادي تطوان لكرة القدم” ونادي “الراديو”؛ لكن الاندماج لم يستمر سوى بضعة أشهر من السنة نفسها ليعود كل فريق إلى أصله… بعد هذا يقول باريس، نشأت فرق جديدة عديدة (لكن ولا فريق واحد إسباني أو مغربي تأسس سنة 1922). واستمر الحال على هذا المنوال إلى أن تشكل فرق نادي أتلتيكو تطوان ضمن منظور يرمي إلى النهوض به كفريق قوي يمثل الوجود الإسباني الكروي، واستقطب لهذا الغرض العديد من العناصر الجيدة من أندية إسبانية أخرى موجودة وقتها. كان هذا يوم 12 مارس من سنة 1933.

أول شعار لنادي أتلتيكو تطوان الإسباني

تاريخ نادي أتلتيكو تطوان الإسباني هذا مسجل بكل تفاصيله في كتاب خوليو باريس الابن إلى غاية انسحابه مع الوجود الإسباني الرسمي من المغرب واندماجه مع فريق سبتة الذي أخذ مكانه بالقسم الثاني من الليغا ابتداء من موسم 57-1956. لا يوجد هناك أدنى لبس في تاريخ هذا الفريق وفي مساره. الفريق تمكن من انتشال نفسه من البطولة الجهوية الإسبانية فرع شمال المغرب، وكانت تسمى، بداية، الجامعة الإسبانية-المغربية التابعة للجامعة الإسبانية، وأسست يوم 13 يناير 1931، وكان مقرها بسبتة السليبة. تأسست هذه الجامعة تحت هذا الاسم، بداية؛ لكنها ستسمى انطلاقا من سنة 1938 بالجامعة الجهوية لشمال إفريقيا. وستسمى بعد استقلال المغرب، بـ”جامعة إفريقيا الشمالية لكرة القدم” ومقرها بسبتة السليبة دائما مع مندوبية بمليلية السليبة إلى غاية سنة 1986، حيث ستتغير التسمية ويتم التخلي عن مصطلح شمال إفريقيا…

(نموذج من البطائق الرسمية للجامعة الإسبانية-المغربية ومقرها بسبتة السليبة)

أسست بفضل المهندس العسكري لويس سانشيز أورداسبال، الذي سيشغل منصب رئيس لها طيلة 15 سنة. وكان من مهامها الإشراف على شؤون كرة القدم بسبتة ومليلية المحتلتين وبالمناطق الخاضعة للحماية الإسبانية وبمدينة طنجة ذات النظام الدولي، وكانت مفتوحة أمام مشاركة الأندية مغربية النشأة في المستويات الجهوية، بل حتى في الأقسام الوطنية لمن له القدرة على الوصول إليها (فريق المغرب الأقصى أو مُغرب طنجة وصل القسم الثالث من الليغا في بداية الخمسينيات). وكان من أول قرارات هذه الجامعة إنشاء بطولة جهوية مشابهة لتلك التي تنظمها باقي الجامعات الجهوية التابعة للجامعة الإسبانية. ولم تشارك في النسخة الأولى من هذه البطولة سوى فرق سبتة وتطوان لانخراطهما في الجامعة، وعاد اللقب إلى فريق كولتورا سبور السبتي. (انظر اللائحة المتضمنة لجميع الفائزين بهذه البطولة الجهوية الإسبانية المنظمة في شمال المغرب

وفي سنة 1932 اعترفت الجامعة الإسبانية بهذه البطولة الجهوية وصار بإمكان الفائز بها المشاركة في تصفيات كأس إسبانيا؛ لكن دون الحق في الالتحاق بالقسم الثالث من الليغا، لأن الفرق الإسبانية الأخرى كانت ترفض ذلك بالنظر إلى ارتفاع كلفة الانتقال إلى شمال المغرب وللتخوف من الانتقال إلى مناطق “اضطرابات”…

بعد انتهاء الحرب الأهلية الإسبانية، سنة 1939، نظمت الجامعة الإسبانية قسما ثانيا مؤقتا من الليغا بالنظر إلى تعذر مشاركة فرق عديدة من جراء الحرب الأهلية. وقد فتحت الجامعة الإسبانية الباب أمام فريق من سبتة وآخر من طنجة (فريق “المدرسة الإسبانية العربية”) من باب مكافأة النظام الفرانكاوي لهذه المنطقة على مساندتها له خلال الحرب الأهلية. ولم يتمكن نادي أتلتيكو تطوان من استغلال الفرصة لظروف ما بعد هذه الحرب … هكذا، صار بإمكان الفائز بالبطولة الجهوية المنظمة من طرف الجامعة الجهوية لشمال إفريقيا (والمتضمنة لقسمين جهويين، الأول والثاني) المشاركة في الأقسام الوطنية الإسبانية من الليغا.

نادي أتلتيكو تطوان الإسباني بدأ مسيرته عند نشأته في الأقسام الجهوية؛ لكنها تعثرت بفعل قدوم الحرب الأهلية، ثم سلك طريقا متصاعدا مع قدوم خوليو باريس الأب لرئاسته، سنة 1946، حيث نقله في ست سنوات من القسم الثالث إلى القسم الأول من الليغا. ولم يكن ذلك بالأمر الهين بالنظر إلى المسافات التي كان على الفريق أن يقطعها للعب في الميادين الإسبانية وما يتطلبه الأمر من مصاريف صعب توفيرها في مدينة من حجم مدينة تطوان وقتها. لهذا، قضى الفريق موسما واحدا بالقسم الأول، وعاد إلى القسم الثاني حيث ظل يلعب أدورا طلائعية إلى غاية رحيله صيف سنة 1956.

فريق نادي أتلتيكو تطوان الإسباني، وقتها، تحول إلى فريق لكل الجمهور التطواني، بمن فيه المغربي؛ ذلك أنه اجتذب، مع دخوله الأقسام الوطنية والاحتراف، أشهر الفرق واللاعبين إلى ملعب فاريلا Varela (وليس ملعب ماركيص دي فاريلا) الذي تمت إعادة بنائه في شكله الحالي في أواخر الأربعينيات (مع تعديلات أدخلت عليه منذ السبعينيات). كما أنه توفر على بعض اللاعبين الذين سيصبحون دوليين فيما بعد وسيلعبون في فرق كبرى (كليسميس الذي لعب لريال الكؤوس الأوروبية الخمس، وراموني…). إدارة الفريق ضمت عددا جد قليل من المغاربة المسلمين طيلة 23 سنة من وجوده (5)؛ وهم رجل الأعمال التطواني عبد السلام بنعبود (الذي شارك في مكاتب عديدة للفريق)، وعبد القادر بريشة، وعبد الكريم اللبادي، وأحمد “مهلول” (Mehlul) والدوالي. كما لم يتجاوز عدد المغاربة المسلمين الذين لعبوا له 10 لاعبين طوال تلك المدة: باعلال- عبد الله- المحجوب- مصطفى الحداد- علال- محمد العروسي- لحسن شيشا- سالم العيساوي- مصطفى الوزاني- عبد القادر البزيوي (ويتضمن كتاب خوليو باريس جردا مفصلا لكل هذه المعطيات). غير أن الفريق استطاع، في صفقة كبيرة بمقاييس تلك الحقبة، ضم اللاعب المغربي الفذ لحسن شيشا الذي أرعب المدافعين والحراس الإسبان بتقنياته إلى درجة تفكير فريق برشلونة البطل وقتها في ضمه إلى صفوفه. لكن شيشا كان يحب “ريحة البلاد” ولا يرغب في تغيير الأجواء.

أول إدارة رسمية لفريق نادي أتلتيكو تطوان الإسباني، برسم سنة 1934، جاءت كما يلي: (ص. 18 من كتاب باريس الابن):

Eduardo Lomo (presidente); Fernando Fuertes de Villavicencio; José Calderón; Manuel Requena; Luís Lomo; Miguel Blanco; Claudio Sánchez; Ramón Pascual Ruiz; Sr. Lorite; José Bacigalupe; Jesús Rodríguez.

جاءت أول تشكيلة للفريق الذي لعب حبيا ضد فريق من أصيلة في شهر دجنبر من سنة 1933 كما يلي (ص 17 من كتاب باريس الابن):

Diego Lao; Pasión; Amate; Pérez; Pequerul, Prados; Macias; Becerra; Pepe Lao; Polo; Blanca

ويلاحظ هنا، عند الانطلاقة، ألا وجود لأي مغربي مسلم سواء من بين الإداريين أو من بين اللاعبين؛ وهو ما يكذب نظرية اندماج الفريقين منذ البداية، أي المُغرب التطواني المغربي المؤسس رسميا سنة 1928ونادي أتلتيكو تطوان الإسباني المؤسس سنة 1933 (كما أن لا أحد من الفريقين أسس سنة 1922).

بل إن الفريقين الإسباني والمغربي لعبا في مواجهة بعضهما ضمن ما سمي وقتها بكأس الخليفة في موسم 35-1934 (وسنتطرق لنتائج المُغرب التطواني في الجزء المخصص له فيما بعد)، وكانت النتيجة 3-1 لصالح نادي الأتلتيكو الإسباني ذهابا (يوم 21 أكتوبر 1934) وإيابا (يوم 9 دجنبر 1934).

(الصورة لنادي أتلتيكو تطوان الإسباني موسم 36-1935)

لن نفصل في الحديث عن مسار نادي أتلتيكو تطوان فهو متوفر في كتاب خوليو باريس الابن وفي المواقع الإلكترونية الجدية التي تستند على مراجع موثوقة، ثم إن ما يهمنا هنا هو التأكيد ألا علاقة اندماجية أو تنظيمية بين الفريقين، سواء عند انطلاقهما أو في نهاية مسارهما. كما أن تاريخ ظهورهما ليس هو سنة 1922.

بعد الاستقلال وجد الفريق نفسه في حالة فريدة من نوعها كفريق إسباني محترف له التزامات مع لاعبيه المحترفين. تأسست الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم للمغرب المستقل سنة 195، وشرعت في تنظيم بطولة مختلفة عن تلك التي كانت تجرى أيام الحماية الفرنسية. وفي تطوان كان يوجد، وقتها، فريق الرابطة الرياضية المغربي كفريق قائم الذات انطلق أواخر الأربعينيات، وكان يمارس بالبطولة الجهوية في بداية الخمسينيات،) انظر الكتاب الضخم عن المنجزات الثقافية الإسبانية في المغرب الصادر سنة 1956

Fernando Valderrama Martinez, Historia de la acción cultural de España en Marruecos, p.690)

وسرعان ما أضيف إليه فريق المُغرب الرياضي التطواني الذي أعاد المغاربة إحياؤه مع مطلع شهر يونيو 1956، وقد أشارت جريدة “أ.ب.س. ABC” المدريدية، في عددها ليوم 9 يونيو1956، إلى هذه العودة قائلة : “بإحيائه لاسم رياضي قديم تأسس نادي جمعية المغرب الرياضي يحذوه طموح جمع العديد من الرياضات تحت لوائه، ككرة القدم وكرة السلة والدراجات والسباحة وألعاب القوى… ويترأس الجمعية سيدي الحاج الفيلالي، وكنائب له السي أحمد الظريف، وكأمين للمال السي الحاج العربي بوستة، وككاتب السي محمد العلوي. ويتكون الفريق من لاعبين محليين وسينازل يوم الأحد المقبل بالرباط فريق الفتح الرياضي للرباط…””

اجتمعت إدارة نادي أتلتيكو تطوان الإسباني، في شهر يوليوز 1956، بمسؤولي الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لدراسة إمكانية بقاء الفريق بالمغرب؛ لكن استمراره كفريق محترف ممارس بإسبانيا من داخل الأراضي المغربية لم يعد ممكنا. كما لم يكن بالإمكان انخراطه ضمن البطولة المغربية؛ لأنها، بكل بساطة، بطولة هواة بينما الفريق محترف وفي ملكية أجانب.

فكان من الضروري، إذن، أن يرحل الفريق عن تطوان كما رحل الجيش الإسباني ورحلت الشرطة والإدارة الإسبانية. الجامعة الإسبانية لكرة القدم وجدت مخرجا استثنائيا لهذا الفريق بقبول اندماجه مع فريق من مدينة أخرى، سبتة المحتلة في هذه الحالة، والحفاظ على مكانته في القسم نفسه، وهو إجراء ممنوع في إسبانيا؛ لكن الحالة كانت استثنائية، وطبقت كذلك على فريق الاتحاد الرياضي إسبانيا طنجة الذي اندمج مع فريق الجزيرة الخضراء.
وسجلت وثيقة الاندماج الرسمية (َActa 102 الصفحة 473 من كتاب باريس الابن)، التي وقعت في تطوان يوم 10 يوليوز من سنة 1956، قرار اندماج نادي أتلتيكو تطوان مع الجمعية الرياضية لسبتة وتشكيل جمعية أتلتيكو سبتة. وتقرر كذلك حل نادي إسبانيول تطوان لكرة القدم (وكان قد تحول إلى فريق رديف filial لنادي أتلتيكو تطوان منذ سنة 1950) مع تسريح كل اللاعبين الذين لا يرغب فيهم فريق أتلتيكو سبتة.

ولم يتكلم خوليو باريس الابن بالمرة في كتابه، ولا الصحافة الإسبانية وقتها عن “تشكيل الجزء المغربي من نادي الأتلتيكو لفريق المُغرب التطواني”؛ بل على العكس من ذلك أشارت كل من صحيفتي “دياريو دي أفريكا” المحلية، في عددها ليوم فاتح أكتوبر 1956، و”أ.ب.س.” المركزية، المذكورة أعلاه، إلى عودة فريق “المُغرب” القديم إلى الواجهة. وكان قد أعيد تأسيسه قبل رحيل الأتلتيكو الإسباني إلى سبتة السليبة بأكثر من شهر، بل واجهه حبيا، في بداية شهر يوليوز، ودخل المُغرب التطواني بتشكيلة مغربية 100% كما كان له مجلسا إداريا مغربيا 100%. وكان آخر مكتب لنادي الأتلتيكو كالتالي:

Julio Parres López (Presidente), José Benaim, Francisco Peña, Francisco Guevara, Joaquin Ventura Bañars, Abdeslam Benabud, José Montoro, Francisco Alcaraz, Carlos Gallegos, Lázaro, Juan Mur, Alvaro Cappa Vera, Eduardo García Hernández, José Prats Gozález. (الصفحة 470 من كتاب خوليو باريس الابن).

ولن يلتحق أي من هذه الشخصيات بالمكتب المؤسس للمُغرب الرياضي التطواني في يونيو 1956، الذي تشكل من المغاربة المسلمين فقط؛ بمن فيهم المغربيان المسلم عبد السلام بنعبود واليهودي خوصي بنعيم عضوي الأتلتيكو الإسباني. بعد ذلك بأشهر عديدة، سيعزز كل من بنعبود وبنعيم، كفعاليات شخصية من المدينة، المكتب الثاني لفريق المُغرب الرياضي التطواني الذي دعمته السلطات في أكتوبر1956، وأضيف إليهما التطواني اليهودي ألبرطو كورسياس بوطبول ومانويل ريوس من مكتب سابق للأتلتيكو (مكتب 1951)، إضافة إلى إسباني آخر إيميليو بيريس فرانكو، رغبة من السلطات في توفير موارد إضافية للفريق.

ويتساءل بعض الظرفاء من عندنا كيف سمحت “الفيفا” بهذا؟ وكيف سكت عنه المغرب وسكت عنه فريق المُغرب التطواني؟ بل يطالبون بالطعن في هذا القرار (وماذا بعد؟) … ما دخل “الفيفا” في انتقال فريق إسباني من مدينة إلى أخرى داخل نفوذ الدولة الإسبانية؟ وما دخل المُغرب التطواني المغربي الهاوي العائد إلى الأضواء في موضوع انتقال فريق إسباني من مدينة مغربية كانت محتلة إلى مدينة أخرى تحت النفوذ الإسباني (كانت كذلك قبل الحماية بقرون وما زالت)؟ لم يكن هناك أدنى مانع قانوني في أن يبقى نادي الأتلتيكو بتطوان كفريق هاو مع مغربة رئاسته وضمه إلى من أراد ذلك من أعضاء المكتب المسير الإسبان الموجودين بالمدينة (ومنهم من ولد ونشأ بها)؛ لكنه كان فريقا إسبانيا يلعب في القسم الثاني من الليغا وله التزامات مالية مع محترفيه، فرحل إذن بعد أن سرح فائض لاعبيه.

في المنطقة السلطانية حينت الفرق الفرنسية مكاتبها، ومغربت رئاستها، وشاركت في البطولة الجديدة التي نظمتها الجامعة المغربية الجديدة بدون أدنى مشكل؛ لأنها كانت فرق هاوية ولعبت في بطولة محلية مغربية هاوية لا علاقة لها بالبطولة الاحترافية الفرنسية. ومن هذه الفرق فريق الاتحاد الرياضي المغربي، “اليوسام”، الذي كان عمليا فريق الحماية الفرنسية بامتياز (ونادي الصخور السوداء والصام والأولمبيك الرباطي وسطاد ماروكان…) …

رحل نادي أتلتيكو تطوان المحترف إلى سبتة، وأنهت المدينة مرحلته، وكانت مرحلة كروية زاهرة شكلت مكسبا رياضيا، بل حضاريا لها، إذ كان الفريق يحمل اسم تطوان إلى أبعد نقط الجغرافية الإسبانية.

والجدير بالذكر أن الجمهور التطواني، المغربي منه والإسباني الذي مدد وجوده بتطوان (وقد بقيت هنا بتطوان جالية إسبانية مهمة تمارس نشاطها التجاري وغيره إلى حدود سنة 1973 مع قدوم سياسة المغربة)، ظل يحج كثيفا إلى مدينة سبتة لمتابعة مقابلات نادي الأتلتيكو هناك؛ في حين عانى المُغرب التطواني، وإلى غاية منتصف الستينيات، من غياب أعداد الجمهور الكبيرة لأن ذوق الجمهور الكروي لم يكن يستسيغ تخبط البطولة الهاوية الجديدة…

وقد كرم فريق المُغرب التطواني، الذي أعيد تأسيسه من جديد قبيل ذلك، فريق نادي أتلتيكو تطوان الإسباني في مقابلة حبية جرت أياما قبل رحيله الرسمي واندماجه مع فريق سبتة (فاتح يوليوز 1956). شارك فيها المُغرب التطواني بمجموعة مغربية 100% (مع تعزيزها بالنجمين الدوليين الطنجاوي حسن أقصبي والرباطي عبد الله الأنطاكي “مالقا”)، وبلباسه الأحمر والأخضر، بينما لعبها نادي أتلتيكو تطوان بمجموعته الاحترافية المعهودة وبقميصه الأبيض والأحمر (انظر كتاب ذ. الزبير بن الأمين: المغرب التطواني في أول بطولة وطنية 1956-1957، ص. 33).

بعد هذه المقابلة بأيام، ستنتهي القصة المغربية لنادي أتلتيكو تطوان الإسباني الذي سيرحل لاعبوه المحترفون للالتحاق بفريقهم الجديد أتلتيكو سبتة (للمقارنة ما بين تشكيلتي نادي أتلتيكو تطوان لموسم 56-1955 وتشكيلة أتلتيكو سبتة لموسم 1956-57 انظر الرابط https://www.bdfutbol.com/en/t/t1955-5685.html والرابط https://www.bdfutbol.com/en/t/t1956-57332.html)… بينما سيلتحق الشبان منهم والاحتياطيون الهواة من أبناء تطوان أو ممن هم مستقرون بها، غير المرغوب فيهم من طرف أتلتيكو سبتة، بالفرق التطوانية القائمة، الرابطة الرياضية التطوانية والمُغرب الرياضي التطواني. وستفرغ الرابطة تقريبا من لاعبيها الأساسيين (مغاربة وإسبان) بعد ذلك والذين سيلتحقون بالمُغرب التطواني الفائز في التصفيات المؤدية إلى المركز الوحيد الذي خصص للشمال بالقسم الوطني الأول من البطولة المغربية الجديدة.
حصيلة نادي أتلتيكو تطوان الإسباني:

لقب “بطل المغرب”، بعد الفوز بالبطولة الجهوية للمنطقة التابعة للجامعة الإسبانية لموسم 36-1935. وشاركت في هذه البطولة 5 فرق إسبانية من سبتة ومليلية وتطوان. وأعطى هذا الفوز الحق لنادي أتلتيكو تطوان في المشاركة في الكأس الإسبانية، دون الصعود إلى القسم الثالث؛ وهو ما كانت فرق إسبانيا ترفضه لعدم رغبتها وقدرتها على التوجه إلى شمال المغرب. أتلتيكو تطوان سقط في الدور الثاني على يد مالقا، وكان قد أقصى تنريف في الدور الأول.

لقب “بطل المغرب” بعد الفوز بالبطولة الجهوية للمنطقة التابعة للجامعة الإسبانية لموسم 43-1942، وقد استتبع الفوز الثاني الصعود إلى القسم الثالث من الليغا الإسبانية الذي صار ممكنا.

بطل القسم الثالث لمنطقة الأندلس لموسم 49-1948، وحقق بالتالي الصعود إلى القسم الثاني من الليغا. وهذا الشطر عرف مشاركة فرق قوية مثل بتيس إشبيلية وقرطبة وقاديش وهويلفا؛ لكن الفريق فشل في تحقيق لقب بطل القسم الثالث لمجموع إسبانيا في الدوري المخصص لذلك.

لقب بطل المجموعة الثانية من القسم الثاني لليغا لموسم 51-1950 أمام كل من صلمانكا ولاس بالماس، وبالتالي حقق “معجزة” الصعود إلى القسم الأول من الليغا…

“ألقاب” فريق نادي أتلتيكو تطوان الإسباني حينما كانت تحيل على “المغرب” فإنما تحيل على التنظيم الجغرافي الجهوي للبطولة المنظمة آنذاك تحت لواء الجامعة الإسبانية لكرة القدم، سواء في تسميتها الأولى لسنة 1931، “الجامعة الإسبانية-المغربية”، أو تحت مسمى “الجامعة الجهوية لشمال افريقيا” انطلاقا من سنة 1938 وكان مقرها بسبتة السليبة. اللهم إن كان من القائلين باحتساب ألقاب الفريق الإسباني للفريق المغربي من يعتبر أن إسبانيا المستعمرة كانت وقتها تقر بكون سبتة ومليلية مغربيتين، وهذا ما لم يقع طبعا.

رابط المقال

 

https://www.hespress.com/%D9%87%D8%B0%D9%87-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B5%D9%8A%D9%84-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D9%8A-%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D8%A3%D8%AA-942398.html

Loading...