ملحوظة : ( كان هذا المقال هو آخر ما كتبته بالسجن المحلي بشفشاون بحيث سيتم ترحيلي يوم 16/03 /2020 إلى السجن المحلي بتطون / الصومال).
عيد بصيغة المؤنث وبرائحة العطر مبارك سعيد لكل امرأة مغربية في المدينة أو القرية، الجبل أو المدشر، عيد عالمي احتفائي هو أقل ما تستحقه هذه الكائنات التي تصنع الحياة فيوم واحد علينا أن نقف فيه إجلالا ولتقديم الولاء للمرأة كامرأة ونثر الورد في كل مكان تطأه قدماها فهي رمز للجمال والحب والطمأنينة والاستقرار والمشاركة والصبر والتحمل والعطاء هي منبع هائل لجميل الأحاسيس وفي هذا لا مجال للحديث عن المساواة بين الجنسين.
لكن في هذا العيد من الواجب أن نتذكر من لا عيد لهم فكثيرات من النساء اللواتي وعلى الرغم من الحملات التحسيسية في هذا الصدد فان الأمور لم تتغير قيد أنملة والمصيبة أن المئات ممن يحترفون الخطابة باسم المبادئ الإنسانية لا تجدهم إلا وهم مرتكبون لنفس الجريمة، منهن:
& المعنفات فقليلات من يثرن ويذهبن إلى مركز للاستماع والمساعدة فالأغلبية صامتة ،
& النساء المكابدات في المعامل حيث يعملن بلا ضمانات و لا احترام و يسرحن بإشارة يد ،
& النساء المتصارعات في القرى مع قساوة الطبيعة و الفقر الواقفات المتحديات من أجل البقاء ،
& النساء الأميات اللواتي خذلهن مجتمع لم يكن يرى في المرأة إلا خادمة للرجل و خذلهن نظام كان يرى تعميم التعليم تعميما للوعي و في تعميم الوعي تعميما للخطر على أركانه ،
& تلك الفتاة الصغيرة التي يجبرها أب مغلوب على أمره على الإقامة في بيوت الآخرين كخادمة إنها جريمة ضد صغيرات مكانهن الطبيعي هو المدرسة والفرح ،
& النساء المعطلات اللواتي افنين زهرة شبابهن في التحصيل و بعد ذلك وجدن أن مسؤولينا لم ينجحوا في توفير الظروف التي تمكنهن من خدمة بلدهن و حفظ كرامتهن ،
& النساء السجينات المظلومات و اللواتي قدر لهن أن يرتكبن الخطأ القاتل و هن يعشن ظروفا قاتلة ،
& نساء العالم المتصارعات من اجل عالم أفضل و أكثر استقرارا في فلسطين ، العراق ، سوريا … ،
إليكن وإليهن نتمنى غدا أحسن فلا تستحق المرأة إلا ما هو جميل.
أعرف أن الحديث عن المرأة و قضايا المرأة توقظ في بعضهم و بعضهن كثيرا من مشاعر الكراهية و الحقد و تشكل عقدة مرضية لا ينفع معها إلا الدعاء لهم و لهن ببعض من الإنسانية فلم يعد مستغربا و في سياق انتصار الشعبوية أن نعيش كلما تعلق الأمر بنقاش حول حقوق المرأة في مجتمعنا دق طبول الحرب و إيقاعات الوعد و الوعيد لا لشيء سوى لأن المرأة التي يريدونها هي قاصر بالضرورة ، ناقصة بالضرورة ، ،عورة بالضرورة… و لا تستحق إلا ما هي فيه بالضرورة ، فمن أغرب ما وقفت عنده بمناسبة 08 مارس هو تصريح لنائبة برلمانية مغربية في إحدى اليوميات حينما انطلقت بالأمم المتحدة أشغال لجنة مركزة المرأة و مناقشة موضوع القضاء على جميع أشكال العنف ضدها ، قالت : (استبعد أن يصادق الوفد الرسمي المغربي على أمور تعارض الدين الإسلامي وان كان يمكن أن تكون بعض جمعيات المجتمع المدني متحمسة زيادة عن اللزوم…فنحن لسنا مع خلق جو من الميوعة لدى فتياتنا و يكفينا ما نحن فيه من مشاهد تساعد على الانحلال في الانترنيت …)، فشخصيا لا أفهم كيف يمكن لمحاربة كل أشكال التمييز ضد النساء انه أمرا مخالفا للدين مهما كان هذا الدين؟ وكيف يمكن أن تصف النقاش الذي تطرحه جمعيات المجتمع المدني بالحماس فوق اللزوم؟ ولا ا أفهم كيف تربط النائبة البرلمانية بين محاربة أشكال التمييز ضد النساء وبين ما تعتبره ميوعة لدى فتياتنا ؟، لكني أفهم لم لا تتحدث نفس النائبة عن الميوعة والانحلال ومخالفة الدين حين يتعلق الأمر بالفساد الانتخابي وشراء الذمم، وأفهم لما لا تعتبر النائبة أن الميوعة الحقيقية هي أن يكون البرلمان عندنا عاجزا عن الانتصار لأبسط حقوق المرأة وأن مدونة الأسرة التي حاربها البعض وقبلها عن مضض لم تكن في النهاية مطلبا برلمانيا بل شعبيا لحس الحظ .
يبقى أمام المرأة و أمامنا جميعا أن نعمل على انتزاع مكاسب أخرى للمزيد من الاستفادة من نصف المجتمع في رحلتنا نحو الأحسن و الأجمل في هذا الوطن رغم تلك العقد المرضية المصاب أصحابها بداء فقدان الإنسانية و التي لا تترك فرصة تمر دون الا و تبخس فيها من النضالات النسائية و بحروف بارزة تكفر المؤمنين بمساواة النساء و لعل أهم أيام السنة التي يمكن أن نرصد فيها هذا الحقد الدفين لقضايا النساء و نضالاتهن و مطالبهن … يبقى هو 08 مارس حيث تتسابق لغات الماضي السحيق لمحاولة إيجاد مكان لها بين سطور الحاضر المتمسك بحلم المستقبل و يتسابق سواد الجهل لإخماد بريق النور الساكن في آمال و أحلام النساء.
عبد الإله شفيشو
السجن المحلي شفشاون