يوسف خليل السباعي
إن الكتاب مثل الرحالة. قد يظن البعض أن له مستقر، ولكنه دائم الترحال. فهو يرحل من يد إلى يد أخرى، بل إنه يرحل بك عند قراءته إلى عوالم الخيال والتخيل والاستيهام، ويرحل أيضا من كاتبه إلى ناقد يتلقاه. ومن الكلام عنه. ولايستعيد نشاطه إلا مع القارئ، لأنه ليس آلة كسولة فحسب كما يقول عنه أمبرتو إيكو، في جانب أدبي ( النص) قطعا، وهو محق، بل إنه ( الكتاب عامة) آلة مجتهدة وحركية، ترحالية، واستيهامية مفعمة بالسؤال.
وفي عيد الكتاب الذي بدأ في تطوان في الأربعينات على ما أعتقد بطعم إسباني، ومات لعقود، ثم عاد لساحة الجلاء، مرتحلا عنها لمرآب حمادي، التي تحول إلى نسخة (سيمولاكر) من الفدان دون أن يرقى له، جماليا، فإلى باب العقلة، ها هو يرحل إلى ساحة العمالة ( الحي الإداري).
وهكذا، لم يعد لعيد الكتاب في تطوان فضاء يستأنس به ويرمز له، وإنما هو عيد دائم الترحال. ولكن الأهم في كل هذا إعادة الاعتبار للكتاب بكل اللغات.
وإذا كان عيد الكتاب بتطوان سيختم فعالياته بتنسيق مع دار الشعر المخلصة ( نسبة إلى الشاعر الرقيق مخلص الصغير) بأمسية شعرية وغنائية، فلابد لنا من أن نسأل عن الآتي: في السنة المقبلة أين سيتم ترحيل الكتاب وعيده وأروقته؟.