تطوان..نادي البيئة والصحة لثانوية ادريس بنزكري التأهيلية ينجز روبورتاج الصحفيون الشباب حول موضوع “وأخيرا.. “لوز البربر” في شمال المغـرب !!
شجرة الأركان أوالأرجان، تلك الشجرة التي يسميها البعض “لوز البربر”،وينعتها البيولوجيون ب”Argania spinosa”،أما الفرنسيون فقد دأبوا على تسميتها ب”الذهب المغربي السائل”. شجرة مهما اختلفت أسماؤها بين الناس والشعوب، فالكُل يُجمع على نُدرتها لكونها تنمو في مناطق محدودة من العالم،كما لا يختلف اثنان حول قدم تاريخ وجودها، فالكل يقر بكونها من الأشجار المعمرة، وإن اختلف علماء البيولوجيا حول عمرها الحقيقي فإنهم يستقرون على تقديره بين 1500 و2000 سنة، ولتكون بذلك أقدم شجرة في المغرب، إلا أن تعميرها لم يُسهم في انتشارها ليظل تواجدها حصريا في منطقة سوس جنوب غرب المغرب، وبالضبط في الأراضي المحيطة بمدينة أكادير الممتدة جغرافيا بين مدن الصويرة، تارودانت،تزنيت وتفراوت،وذلك لاعتبارات عدة،لعل أهمها المناخ الذي تمتاز به تلك المناطق.
هكذا اقترن اسم “شجرة الأركان” بمنطقة سوس، وغابت فكرة إمكانية استنباتها بمنطقة غير أصلها المعهود، فحق لنا أن نسأل: هل تعلم بوجود “شجرة الأركان” في شمال المغرب؟
شجرة الأركان بشمال المغرب:
بتاريخ 21 فبراير 2022 وأثناء قيامنا بإشراف أستاذتنا حسناء السعيدي بزيارة لمعهد التقنيين المتخصصين في الفلاحة،والذي يقع بمنطقة بنقريش ضواحي مدينة تطوان،ورغبة منا في اكتشاف ما تزخر به المنطقة،قمنا بزيارة لإحدى التعاونيات النشيطة في مجال الأعشاب الطبيعية وهي”تعاونية عين لحجر جهة طنجة تطوان الحسيمة للأعشاب العطرية و الطبية ” والتي تشرف عليها السيدة حفصة بنعيسى،التي رحبت بوجودنا داخل فضاء هذه التعاونية لترافقنا في جولة بالمشتل الذي يحتوي على العديد من النباتات،حيث حدثتنا عن أسرار وخصائص و فوائد كل منها ومجالات وطرق استعمالاتها المتنوعة : (التزيينية، العطرية والطبية..)، كما أطلعتنا على أنواع كثيرة من الأشجار المثمرة، من قبيل أشجار الزيتون والبرتقال والتين، ثم شجرة لم نتوقع أن نصادفها هناك، وهي “شجرة الأركان”التي يبلغ عمرها بهذه الضيعة -حسب ما اخبرتنا به السيدة حفصة-حوالي عشر سنوات، إضافة إلى شتلات أخرى لم تتجاوز السنتين.
فتساءلنا كيف لشجرة مثلها أنتعيش بشمال المغرب وبمناخ مختلف عن مناخ موطنها الأصلي ؟
ولكونها تجربة فريدة من نوعها، والتي يمكن اعتبارها سابقة بشمال المغرب، فقد سردت علينا السيدة حفصة -جوابا على أسئلتنا واستفساراتنا- كيف أن عشقها للزراعة والفلاحة هو ما دفعها إلى تنفيذ فكرة غرس بذور شجرة الأركان بمشتلها،وكيف أن نجاحها في البداية كان مستبعدا بسبب اختلاف المناخ،إلا أنه بإصرارها واجتهادها وبحثها المستمر، فقد أصبح ذلك ممكنا.
قصة أول “شجرة أركان”بالشمال:
خلال سنة 2010- تقول السيدة حفصة بنعيسى- كنتفي زيارة لمعرض الفلاحة بمكناس وعند عودتي أحضرت معي بذور لوز الأركان ،قمت بزراعتها والاعتناء بها بالسقي والأسمدة الطبيعية ،وبعد مرور بضعة شهور لاحظت ظهور النبتة وتطور نمو الشجيرة شيئا فشيئا حتى ارتفع علوها.
وخلال سنوات بدأت تعطي ثمارا أكبر حجما من تلك التي تنبت في منطقتها الأصلية، وهو الأمر الذي فاجأ الجميع ،وتأكد فعليا أن مناخ هذه المنطقة كان مناسبا لها.
وتابعت السيدة حفصة قولها: فبعد أن نضجت الثمار قمنا بقطفها وغسلها لإزالة كل الشوائب عنها ،ثم قمنا بطحنها وعصرها ،ولما حصلنا على الزيت نقلناه للمختبر من أجل مراقبة جودته، وهناك أظهرت النتائج تطابق مكوناته مع نفس مكونات زيت أركان الجنوب، وبذلك تأكد نجاح هذه التجربة الفريدة التي جعلتنا نوطن زراعة هذه الشجرة رسميا في مشتلنا، ليصبح مجموعها الآن أربع شجرات وخمس شتلات.
ثم أضافت: “إن هدفي هو غرس أكبر عدد من أإشجار الأركان بمنطقة تطوان ونواحيها، خاصة أن مناخ المنطقة فلاحي بامتياز ويناسب نموها واستقرارها”.
“الأركان”بينقيمة فوائده المتعددة وتهديد خطرالاندثار:
تعرف شجرةالأركان انتشارا واسعاً في مناطق الجنوب ،وخاصة منطقة سوس ،وتتميز هذه الشجرة بكونها تساهم في محاربةالجفاف وظاهرةالتصحر، إضافةإلى أنها تلعب دورا حيويا في مجال طب وصناعة مواد التجميل،حيثتعتبرالمواد المستخلصة منها من بين أهم المنتوجات التي تقي من سرطان الجلد ومقاومة الشيخوخة ،كما أنها تستعمل كمرهم للحروق وتفيد في التخلص من الخطوط التي تظهر على النساء في فترة الحمل وبعد الولادة ،لأن زيت الأركان يلعب دورا محفزا للوظائف الحيوية للخلايا.
هذا دون أن ننسى المكانة المتميزة لـ”زيت أركان”في المطبخ المغربي.
إن هذه الشجرة العظيمة تعتبر بمثابة ثروة ببلادنا، نظرا لفوائدها التي لا تعد ولا تحصى خاصة في الطب التقليدي والتكميلي وفي صناعات الأغذية ومستحضرات التجميل، وكما قالت السيدة حفصة بنعيسى: “لا شيء يضيع، فحتى بقايا طحنه يتم استغلالها كعلف للمواشي أو يصنع منها مادة الصابونالطبيعي البلدي”.
إنها “شجرة الأركان” ثروة المغرب الأخضر المهددة بالضياع والاندثار حسب دراسات ميدانية أنجزت حديثا والتي اشارت الى ان وثيرة الاتلاف تسير على إيقاع يناهز 200 هكتار في السنة ،واعتبر هذا الرقم بمثابة كارثة وطنية تؤثر سلبا على البيئة والاقتصاد المغربيين،لذا وجب التعريف بها والتحسيس بأهميتها وابتكار سبل توسيع رقعة استنباتها ورعايتها وحمايتها من الرعي الجائر، وتشجيع التقنيين الفلاحيين والشباب الباحث عن فرص الشغل بالمجال الفلاحي، بتطوان والنواحي وغيرها من المناطق الملائمة لاستنبات هذه الشجرة، على الاقتداء برئيسة التعاونية السيدة “حفصة بنعيسى”والاستفادة من تجربتها وخبرتهافي هذا المجال.
إعــداد التلاميذ:
· منهاج الغريب. · رشيـــدة أهران. · هاجر شقـــــور. · كوثر المساوي. · وسيمة أهـــران. · خديجة البزونة.
تـــأطير الأستاذة: · حسناء السعيدي.
|
- المصادر:
- السيدة حفصة بنعيسى المشرفة على “تعاونية عين لحجر جهة طنجة تطوان الحسيمة للأعشاب العطرية و الطبية ”
- مقالة بعنوان “شجرة الأركان المغربية تقاوم الانقراض ” https://www.aljazeera.net